×

أخر الأخبار

العلاقات الأمريكية العراقية ( 6 )

  • 17-06-2020, 21:00
  • 422 مشاهدة

مواقف الكتل السياسية : الوطنية والنصر والعصائب



ربما حققت حكومة الكاظمي أول إنجاز لها لكن على الصعيد الخارجي بعد جولة المباحثات التي دامت ساعتين بين الوفدين الأمريكي والعراقي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة في 10 حزيران 2020.
هذا المقال يتناول العلاقات العراقية الأمريكية في العامين الماضيين وصولاً إلى قراءة في البيان الختامي للمباحثات العراقية الأمريكية حيث يتم تسليط الضوء على مسار العلاقة وأبرز نقاط التوتر والخلاف التي سادتها.

ائتلاف الوطنية
شدد ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه اياد علاوي على أهمية تشاور الحكومة العراقية مع الكتل السياسية والنيابية في البرلمان العراقي. الجدير بالذكر أن المادة (80- سادساً) من الدستور تنص على أن من صلاحية مجلس الوزراء (التفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية ، والتوقيع عليها). في حين أن دور مجلس النواب ، وحسب المادة (61- رابعاً) هو (تنظيم عملية عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية). لذلك يبدو طلب ائتلاف الوطنية غير دستوري. نعم ربما يرغب اياد علاوي بأن يتم مشاورة زعماء الكتل السياسية من قبل رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية ليطلعهم على رؤية الحكومة من المباحثات ، كما سبق وقام نوري المالكي عام 2008 بالاجتماع برؤساء الكتل السياسية وأطلعهم على رؤيته بانسحاب القوات الأمريكية قبل توقيعها بشهور.
ويأتي عتب ائتلاف الوطنية على الحكومة بأن الأمر متروك للحكومة (إن رغبت ، لكي لا تؤاخذنا لعدم مشاركتنا في اجتماعات القيادات السياسية ذلك لأن الحضور مشروط برئيس الائتلاف) أي اياد علاوي نفسه.
يبدأ بيان الوطنية بالتشكيك مما يحدث واهمال استشارة الائتلاف بقوله (تجري احاديث تارة بالعلن وتارة أخرى بالهمس عن الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة ولكن لم تتقدم الجهات القيادية المعنية بوجهات نظرها الى مجلس النواب الموقر والسلطة التنفيذية في البلاد تتضمن رؤية قيادة السلطة لهذا الحوار، ونحن في ائتلاف الوطنية نقدر مشغولية القادة بجائحة كورونا وكذلك بالجانب المالي والاقتصادي المليء بالمشاكل، فضلا عن الجانب الأمني بعد عمليات داعش الأخيرة للأسف).
ويعرض ائتلاف الوطنية تقييمه للوضع الأمني والسياسي العراقي في الوقت الحالي وأنه يدعم المباحثات مع واشنطن فيقول (نرى الاتفاقية الاستراتيجية لابد منها لان داعش وقوى الإرهاب والتطرف سيطول بقاؤها وضررها. كما ان الجيش العراقي لايمتلك القدرة والعدد والتسليح والتجهيز والدعم الكافي، ولا الأجهزة الاستخبارية مؤهلة لمثل هذه المعارك. لذا لابد ان تكون لنا علاقات جيدة مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمساعدة العراق في حالة تعرض البلاد للخطر، لان العراق مصدر رئيس في مواجهة الارهاب، والحوار مطلوب ان كان استراتيجيا او لا، لكن هذا لا يعني عدم اقرار وتثبيت مبادئ وقواعد الاشتباك، وهي قواعد يجب ان تحظى ايضاً بموافقة مجلس النواب الموقر، الذي لابد ان يوافق ايضاً على الحوار ومخرجاته، والا لن يكون نافذاً لان الحكومة الحالية هي مؤقتة). فهذا يعني تمسك الوطنية بقيام التحالف الدولي والقوات الأمريكية بإمساك الملف الأمني العراقي لأن الجيش وبقية الأجهزة الأمنية غير قادرة على مواجهة داعش. ويبدو ذلك إغفالاً متعمداً لدور القوات الأمنية والحشد الشعبي في مواجهة داعش عام 2017 وطردها من الموصل وتحرير بقية المدن العراقية الأخرى منها.
تضع الوطنية مجموعة نقاط لما تسميه ب( قواعد الاشتباك) وهي:
تحديد عديد القوات التي تتواجد على ارض العراق ونوعيتها .
- تحديد أماكن تواجدها ودورية الاستبدال وفق رؤية عسكرية وامنية.
- تحديد أماكن معسكراتها ونوعيات تسليحها.
- تحديد وجودها - نوعاً وكماً واستمراراً- سنوياً في شهر معين يتفق عليه من قِبل مجلس النواب العراقي ومجلس الوزراء.
- تشكيل لجنة عليا من رؤساء الكتل السياسية وبعض القوى الوطنية المؤثرة تجتمع دورياً بالقائد العام للقوات المسلحة ويوكل اليها القرار السياسي.
- يثبت ان هذه القوات تساعد على حماية العراق وليس السلطة، وبموافقة العراق وحكومته، واللجنة المشار اليها أعلاه، ولايحق لها بأي شكل من الاشكال وتحت أي مسمى التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، ويرفع من الاتفاقية تدخلها لحماية النظام الديمقراطي في العراق حيث ان هذه العبارة تحمل اكثر من تفسير، كما لا يجوز لها شن هجمات خارج العراق ومنطلقة من العراق من دون موافقة مجلس النواب العراقي الموقر .
- إعادة النظر وإعطاء الموافقة او عدمها بالقواعد المستعملة حالياً من قِبل التحالف ودوره هذه القواعد وهل هي بموافقة العراق ام لا .

ويختتم البيان توضيح موقف الوطنية من المباحثات بالقول (علماً ان ائتلاف الوطنية غير مستعد للمشاركة في الحوار الاستراتيجي او حتى ان يكون جزءاً من اللجنة المعنية بالحوار الان، لكنه مستعد لتقديم تفصيلات اكثر عن قواعد الاشتباك الى من يهمه الامر من القادة السياسيين).


ائتلاف النصر
في بيان له صادر في 9 حزيران 2020 طالب ائتلاف النصر بأن (يفضي الحوار إلى مفاوضات جادة متعدد الملفات والمستويات تخدم مصالح العراق العليا والتي يجب أن لا تخضع للأمزجة والأجندات لأي إثنية وطائفة وحزب، فالمصالح العليا لا تبنى على وفق المصالح الفرعية. والعراق كدولة بأمس الحاجة إلى علاقات إيجابية مع دول العالم لتأثيرها البنيوي على سيادته واقتصاده وكيانه ككل). فالنصر يريد رفع مستوى المباحثات إلى مفاوضات تشمل ملفات وبمستويات متعددة. وهذا يعني بصورة أو أخرى تعديل الاتفاقيات السابقة مع أمريكا ، أو التوصل إلى اتفاقية جديدة. في حين أن هدف الطرفين هو مذكرة تفاهم تعزز اتفاقية الاطار الاستراتيجي أو تفعيلها بشكل ملموس ، خاصة وأن واشنطن قد امتنعت عن تطبيقها في أحيان كثيرة. ويبدو النصر مستعجلاً لبناء علاقة قوية مع واشنطن دون الأخذ بالظروف السياسية والأمنية الداخلية.
يطرح النصر رؤيته في السيادة وعلاقة العراق بالدول الأجنبية على مبادئ :( وحدة الموقف العراقي، اعتماد نظرية عراق المركز، العلاقات الإيجابية مع جميع الأطراف، عدم الإنحياز، تحييد العراق بصراع الدول، فك ارتباط العراق بالملفات الإقليمية المتفجرة، سياسة تخادم المصالح، وجعل الإقتصاد ومصالح المواطنين هو قاعدة التعاون بالمقام الأول).
يعلن النصر ، بأنه وأثناء ترؤسه الحكومة السابقة، عدم مسؤوليته عن جلب الوجود العسكري الأجنبي والأمريكي ، بل أنه جاء (بطلب من حكومة السيد المالكي). وأن (حكومة الدكتور العبادي بدأت بجدولة زمنية لخفض عديد هذه القوات . وأن حكومة عبد المهدي أوقفت العملية). وتبدو هذه الفقرة غريبة عن سياق الموضوع بل تدخل في باب دفع الاتهام عن نفسه ، وتسجيل نقطة لصالح النصر.
من الجدير بالذكر أن عدد القوات الأمريكية قد بلغ في زمن حكومة العبادي ليصل قرابة تسعة آلاف جندي موزعين على قواعد عين الأسد في الأنبار، وأربيل ، وبلد في صلاح الدين وكي ون في كركوك ومعسكرات أخرى في اقليم كردستان.
من جانب آخر يطالب النصر (بفتح حوارات ستراتيجية مع دول المنطقة ودول العالم المركزية، على وفق ذات النهج مع الولايات المتحدة وغيرها، لإيجاد شراكات راسخة تعزز من قوته وتطوره وحياديته، وفق مقتضيات مصالحه وسيادته الوطنية).
 
عصائب أهل الحق
في لقاء متلفز في 13 حزيران 2020 تناول الشيخ قيس الخزعلي المباحثات مع أمريكا . والمعروف أن العصائب لديها موقف متطرف تجاه واشنطن بعضه لأسباب ذاتية عندما اعتبرت أمريكا العصائب حركة ارهابية ، ووضعت اسم الخزعلي ضمن لائحة الخزانة الأمريكية السوداء. وقبل بدء المباحثات قرر الخزعلي اغلاق جميع مقرات العصائب في كل العراق.
 والقسم الآخر موضوعي يعود إلى تعرض معسكرات الحشد الشعبي للقصف الأمريكي ، ووولاء العصائب لطهران وتقليد السيد الخامنئي. بالطبع ذلك لا ينفي حرص العصائب على المصالح العراقية في أية مباحثات مع الجانب الأمريكي.
يلاحظ مدى القلق من المباحثات العراقية الأمريكية ، واحتمال أن يتم التفاهم على تقليص نفوذ الفصائل المسلحة الموالية لايران من خلال شروط أمريكية والتزامات عراقية يقدمها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي. إضافة إلى الاتهامات الموجهة لهذه الفصائل باطلاق صواريخ كاتيوشا على السفارة الأمريكية في بغداد ومعسكرات أمريكية في التاجي وكركوك وغيرها.
في البدء شكك الخزعلي في تركيبة الوفد العراقي بالقول إن (جزءاً كبيراً من الوفد المفاوض يمتلك الجنسية الأمريكية) ، متسائلاً ( كيف يفاوض مواطن امريكي مسؤول امريكي بموضوع يخص السيادة العراقية؟) . كما أعلن عدم ثقته برئيس الوزراء الكاظمي بقوله (ليس لدينا ثقة بنوايا رئيس الوزراء في موضوع السيادة وهو مشكوك فيه لعدة قضايا).
كما اتهم أمريكا بسرقة (الأرشيف اليهودي لتعطيه الى حليفها الاستراتيجي إسرائيل ولن ترجعه). رغم أن واشنطن أعلنت أنها بصدد إعادة الأرشيف اليهودي إلى العراق ضمن قضايا الثقافة.
واتهم الخزعلي واشنطن بأنها تستهدف (وحدة العراق وتقسيمه الى دويلات خدمة لأمن الكيان الإسرائيلي). ويعود بذلك إلى تصريحات قديمة لنائب الرئيس جو بادين في عهد الرئيس أوباما. كما اتهم دولاً اقليمية (بقيادة السعودية والامارات يستهدف النظام الذي يتيح للأغلبية الشيعية الحكم).
من جانب آخر أبدى الخزعلي حرصه على أمن إيران وسلامة أراضيها عندما تساءل (ما الضامن عدم استخدام امريكا للاتفاقية الاستراتيجية في تصفية حسابات مع إيران؟).
وتناول الخزعلي قضايا ثقافية وأخلاقية حساسة عندما قال أن (اميركا اول دولة رفعت علم المثليين في أربيل فما الفائدة من التحاور معها بالجانب الثقافي). وأضاف أن (مشروع "ايلب YLEP الأمريكي يستهدف الشباب تحت عنوان التبادل الثقافي وارسالهم الى واشنطن).

ووجه الخزعلي تحذيره للقوات الأمريكية بقوله (نوجه رسالة إلى الإدارة الامريكية ونقول لهم أن قواتكم لم ولن تبقى في العراق). مضيفاً (إذا بقت القوات الامريكية ستكون محكومة بقانون العقوبات والجزاء العراقي). لكنه أبدى تفهمه للقوات الأمريكية المتواجدة حالياً في الأراضي العراقية بقوله (آلاف القوات الاميركية يعملون على أساس دبلوماسيين وبموافقة الحكومة وهذا مرفوض). لكنه أصر على أن (قرار خروج القوات الأميركية من العراق قرار وطني وسيادي لا نقاش ولا تراجع عنه). وأنه (إذا لم تخرج القوات الاميركية من العراق بإرادتها ستخرج رغما عنها وهو وعدنا لدماء الشهداء). وبذلك فهو يستبق الأحداث حول موضوع بقاء قوات أمريكية أو قواعد أمريكية في العراق.
من جهته ناشد الخزعلي القوى السنية والكردية التي رفضت التصويت على قرار البرلمان العراقي بإخراج القوات الأجنبية بقوله (على الكرد والسنة مراعاتنا في تحقيق السيادة والثأر من قتلة الشهيد المهندس). مضيفاً ( نطالب مكوناتنا وشركاءنا في الوطن ان يكون هناك موقف واحد بشأن رفض الوجود الأجنبي).

الحوزة العلمية في النجف الأشرف
من النادر أن تعلن الحوزة العلمية مواقفها في القضايا السياسية والحكومية والبرلمانية، لكن جاء بيان لأساتذة الحوزة العلمية في النجف الأشرف ليطرح موقفاً وطنياً آخر.
جاء في البيان الصادر في 13 حزيران 2020 رفضهم لأي (تفاوض حول أصل خروج القوات الأجنبية ، لأن العراق (شعباً وحكومة) قد أصدر قراره بخروجها). وأضاف البيان ( أن أن الجهات الرسمية (مجلس البرلمان ومجلس الوزراء للحكومة السابقة)، والجهات الاجتماعية الفاعلة (المرجعية العليا والشعب بكل أطيافه) قد أوضحت موقفها الصريح من ضرورة إخراج القوات الأجنبية عموما والأمريكية بشكل خاص من البلد وبشكل نهائي، لانتفاء الحاجة إليهم من جهة، ومن جهة أخرى دورهم المشبوه في إثارة الفتن، والتعدي على مقراتنا الأمنية، وارتكاب عمليات الاغتيال والقتل بشكل علني، مما يعد انتهاكا سافرا لسيادة العراق وزعزعة أمنه).
وأضاف البيان (نعم يكون التفاوض على آلية خروج هذه القوات، وتحديد الجدول الزمني لذلك بشكل واضح وصريح). محذراً (من محاولة التلاعب والتسويف والمماطلة، أو الرضوخ للضغوطات والاغراءات). وأن (الجانب الأمريكي يحاول وبشتى الطرق والممارسات من الالتفاف على المقررات الرسمية القاضية بخروجهم ومنها هذه المفاوضات. الا اننا نذكر الجميع أن قرار الفصل بيد الجماهير ونخبها الواعية).
كما حذر البيان الحكومة العراقية والوفد المفاوض بأن (عليها أن لا تنسى انها تحمل مسؤولية كبيرة وأمانة ثقيلة، لإرادة الشعب وعليها أن تكون على قدر هذه الأمانة والمسؤولية، والا فإن الشعب العراقي لن يسامحهم على أي نوع من الخيانة لارادته).
وقد وقع على البيان أربعة عشر عالماً على رأسهم آية السيد علي أكبر الحائري .

مواقف الكتل الكردية والسنية
لم تصدر القوى الكردية والسنية بيانات واضحة بصدد مواقفها من المباحثات العراقية الامريكية لكن نشرت بعض التغريدات لشخصيات سنية ليست من الصف الأول. من الواضح أن الكرد والسنة مطمأنين إلى أن الموقف الأمريكي سيكون لصالحهم في العراق ، وأنه لا داعي للقلق ، خاصة وأنهم يحاطون علماً بما يجري خلف الكواليس.
الجدير بالذكر أن الكتل السنية والكردية قد عارضت قرار مجلس النواب العراقي لاخراج القوات الأجنبية من العراق. وصرحت قيادات سياسية من الطرفين تؤكد على أهمية بقاء القوات الأمريكية. كما أن القواعد الأمريكية الحالية تقع في محافظات سنية وكردية