"إرتفع... إنخفض... احترق السوق"، مفردات سهلة النطق كبيرة المفعول في العراق، وترتبط بأثر سعر صرف الدولار في الأسواق، وما أن يستقبلها العراقيون حتى تتسارع دقات قلوبهم كونها تمس وضعهم المعيشي بشكل مباشر.ترك رفع سعر صرف الدولار ندبة واضحة المعالم في العراق بدت جلية في انخفاض قيمة الدينار بنسبة أكثر من 20% وتراجع القدرة الشرائية على نحو كبير، الأمر الذي ولد ركودا واضحا في الأسواق، فما هي تبعات ذلك وما هو سر قوة الدولار التي تصل إلى حد التسبب باهتزاز البلدان؟"قرارات خاطئة"تقول عضو لجنة الاقتصاد النيابية النائب ندى شاكر لـ(بغداد اليوم)، إن "الدولار عملة عالمية يدعمها اقتصاد الولايات المتحدة الامريكية، خاصة وأن أسعار النفط باتت مرهونة به ومتداولة في اغلب الاسواق العالمية"، مؤكدا أن "نفوذ الدولار في أغلب البلدات يأتي من أبعاد سياسية خاصة كما في الحالة العراقية".وترى شاكر، أن "التحرر من الدولار يتم خلال من يمسك بالسياسية المالية ويحدد بوصلتها، لكن وجود شخصيات فاسدة وقدرة الخزانة الامريكية في تعقب اموالهم وتحديدها بدقة عامل ضغط اضافي".وتشدد شاكر على "أهمية المحافظة على قوة الدينار العراقي في ظل قرارات خاطئة دفعت الى خفض قيمته أمام الدولار في الأشهر الماضية".سر القوةيقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني لصحفي ، إن "سرق قوة الدولار تأتي كونه عملة عالمية وهي تشكل 70% من احتياطات الدول المالية وتداولاتها الخارجية فيما يشكل اليورو18% وبقية العملات 12%"، لافتا الى أن "الانتقال الى اي عملة غير الدولار أمر ليس متاحا في أغلب الأسواق، بالاضافة الى الدولار بات غطاء لبيع النفط منذ عام 1974 واي دولة تتحرش بالدولار وتذهب للتعامل بعملة اخرى سيكون مصيرها السقوط، والامثلة على كثيرة".ويوضح المشهداني، أن "العراق انتقل بعد عام 1958 من المجموعة الاسترلينية الى المجموعة الدولارية وعلاقات البلد الاقتصادية قائمة على الدولار وحتى الاحتياطي المالي للبنك المركزي ايضا بالدولار.قيمة عميقةيوجد 185 عملة حول العالم ومع ذلك، يتم استخدام معظم هذه العملات داخل البلدان التي تصدرها، ويعتمد القبول العالمي لهذه العملات على الحالة الاقتصادية للبلد، وبما أن الولايات المتحدة هي أكبر اقتصاد في المعمورة، فهذا هو السبب في قبول الدولار في جميع أنحاء العالم.اليوم تتم 80٪ من التجارة العالمية بالدولار، ويتم تقديم حوالي 39٪ من القروض العالمية بالدولار الأمريكي ويتم استخدام 65٪ من المعروض بالدولار خارج الولايات المتحدة، كما أن معظم الدول التجارية في العالم تقبل الدفع بالدولار فقط، لهذا السبب تحتاج البنوك والدول الأجنبية إلى الدولار للمشاركة في التجارة الدولية.ويوجد حاليًا 189 عضوًا في صندوق النقد الدولي، ووفقًا لقاعدة صندوق النقد الدولي، يتعين على كل دولة عضو إيداع نسبة معينة من حصتها بالدولار الأمريكي، مما يزيد في نهاية المطاف من طلب الدولار على المستوى الدولي.كما تمثل احتياطيات النقد الأجنبي في البنوك المركزية حول العالم 64٪ من الدولار الأمريكي، إذا كان هناك دولتان غير أمريكيتين تتاجران أيضًا مع بعضهما البعض ، فإنهما يفضلان أخذ دولارات أمريكية في السداد لأنهما يعلمان أنه إذا كان لديهم دولارات في أيديهم ، فيمكنهم استيراد البضائع من أي دولة أخرى في أي وقت.ولا تتذبذب قيمة الدولار الأمريكي في كثير من الأحيان، وهذا هو السبب في أن كل دولة في العالم تقبل الدولار دون أي تردد.وأمريكا هي أكبر اقتصاد في العالم، حيث تقرض بموجبه العديد من الدول الأكثر فقراً بالدولار الأمريكي وتتلقى السداد بالعملة نفسها ولهذا السبب يوجد طلب على الدولار في السوق الدولية طوال العام .وتساهم الولايات المتحدة بأكبر قدر في كنوز مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ولهذا السبب تنظم الولايات المتحدة عمل هذه المؤسسات، لذا فإن هاتين المؤسستين العالميتين تقرضان الأموال لأعضائها بالدولار الأمريكي، مما يزيد من ثقة المقرضين بالدولار الأمريكي.الدولار تاريخياالدولار الأمريكي هو العُملة الرسميَّة في الولايات المتحدة الأمريكية ويساوي مئة سنت، ويُرمز له بالرمز USD أو $.وتكون العملة عالمياً مغطاة بقيمتها ذهباً لإعطائها الموثوقية، والدولار الأمريكي يجب أن يكون مغطى بقيمته ذهباً، إلا أن لا أحد يستطيع في الواقع أن يثبت ذلك فقد امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية منذ فترة ليست بالقصيرة عن استبدال الدولار الأمريكي بما يعادل قيمته ذهباً مع أن سعر الذهب يباع عالمياً بالدولار، وسعر الذهب (أونصة الذهب) تحدد حسب سعر البورصة وتقيم بالدولار.والولايات المتحدة الأمريكية رفعت الغطاء الذهبي عن الدولار عام 1973، وذلك عندما طالب رئيس جمهورية فرنسا شارل ديغول استبدال ما هو متوفر لدى البنك المركزي الفرنسي من دولارات أمريكية بما يعادلها ذهباً، ومنذ عام 1973 انخفضت القيمة الحقيقية للدولار الأمريكي حوالي لـ40 مرة.