لم يتوقف مسلسل اغتيال الناشطين في العراق منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر الماضي، ضد الطبقة السياسية الحاكمة والفساد وتنامي النفوذ الإيراني في البلاد.
وكان لمدينة البصرة، الغنية بالنفط، نصيبها من تلك الحوادث، التي لم يكشف عن مرتكبيها حتى اللحظة، لكن ناشطين يؤكدون أن ميليشيات مسلحة مرتبطة بطهران تقف خلفها.
آخر هذه العمليات، جرت مساء الجمعة، عندما أقدم مسلحون على اغتيال الناشط البارز في احتجاجات البصرة أسامة تحسين الشحماني، بـ21 رصاصة استقرت في جسده داخل مكان عمله وسط المدينة.
قبل ذلك بأيام كان تحسين توقع أن تتم تصفيته، عندما نشر على صفحته في فيسبوك صورة لمسدس كاتم للصوت مع تعليق "يوما ما كلنا سنذبح على الطريقة الإسلامية"
ويقول الناشط المدني من البصرة عمار سرحان إن "تحسين كان قائد حقيقيا لاحتجاجات البصرة، ولديه تواصل مع جميع النشطاء في باقي المدن".
ويضيف أن "الميليشيات عرفت أن اغتياله سيهز البصرة والعراق بشكل عام، في محاولة منها لإرسال رسالة لباقي النشطاء أننا قتلنا أفضل شخصية لديكم، وسنستمر بذلك".
ويحمل سرحان السلطات الأمنية وقائد الشرطة في البصرة مسؤولية اغتيال الشحماني، لأنها "فشلت في توفير الحماية للاحتجاجات وتركت الميليشيات تصول وتجول في المدينة".
وأمهل المحتجون في البصرة الحكومتين المحلية والاتحادية حتى يوم الأحد للكشف عن قتلة الشحماني وباقي النشطاء في المدينة، وإقالة قائد الشرطة رشيد فليح.
يقول سرحان إن "قائد الشرطة حرض سابقا ضد المحتجين واتهمهم بالعمالة والولاء لجهات خارجية، وبالتالي على رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي إقالته في الحال، وبخلافه ستكون لنا كلمة مغايرة يوم الأحد".
ويتابع: "لقد بتنا نتلفت يمينا ويسارا عند الخروج من المنزل خوفا من الاغتيال".
وفي العاشر من يناير الماضي، اغتيل مراسل قناة دجلة الفضائية في البصرة أحمد عبد الصمد (37 عاما) وزميله المصور صفاء غالي (26 عاما) بيد "مسلحين ينشطون داخل المدينة" الحدودية مع إيران وتسيطر عليها فصائل مسلحة موالية لطهران.
وعرف عن عبد الصمد موقفه الداعم للاحتجاجات والرافض لوجود الميليشيات التابعة لطهران، وكان قد انتقدها في أكثر مناسبة، كانت آخرها قبل ساعات من عملية اغتياله.
وقبل ذلك اغتال مسلحون الناشط ورسام الكاريكاتير العراقي حسين عادل وزوجته سارة في الثالث من أكتوبر الماضي، بالتزامن مع أول أيام اندلاع الاحتجاجات الشعبية.
وكان الزوجان يشاركان في الاحتجاجات ويسعفان المتظاهرين، قبل أن يتم اغتيالهما بعد ذلك بساعات لدى عودتهما إلى شقتهما.
ومؤخرا هزت العراق حادثة اغتيال الخبير الأمني البارز هشام الهاشمي، وهو محلل معروف قدم المشورة للحكومة بشأن هزيمة مقاتلي تنظيم داعش وكبح نفوذ الفصائل المسلحة الشيعية الموالية لإيران، برصاص مسلحين اثنين على دراجة نارية أمام منزل أسرته في بغداد الشهر الماضي.
وشكلت الحكومة العراقية لجنة للتحقيق في حادثة اغتيال الهاشمي الذي تربطه علاقة صداقة وثيقة مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لكنه لم يتم الإعلان لغاية الان عن نتائج التحقيقات.
واللافت أن عملية اغتيال تحسين جرت في ذكرى مرور 40 يوما على اغتيال الهاشمي، وهو مؤشر على مدى تمادي المليشيات المسلحة وعدم اكتراثها بالسلطة، كما علق ناشطون على تويتر.
ويشكك النائب العراقي السابق وائل عبد اللطيف في قدرة الحكومة العراقية على الكشف عن مرتكبي جرائم الاغتيالات في البلاد.
ويقول عبد اللطيف، الذي شغل في السابق أيضا منصب محافظ البصرة، "هناك ملفات وجرائم أكبر، لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من الكشف عن مرتكبيها، ابتداء من سقوط الموصل الى حادثة سبايكر، وقتلى الاحتجاجات".
ويضيف للحرة "للأسف ستستمر هذه الجرائم، لأن الفصائل المسلحة تمتلك سلطة أقوى وأكثر هيمنة من الدولة والمؤسسة العسكرية