منذ مدة طويلة تعمل القوات الأمنية ومعها قطعات من الحشد الشعبي، بصمت من خلال عملياتها العسكرية في منطقة الطارمية التي تقع شمالي بغداد، والتي تعد من اهم المناطق الاستراتيجية، والجغرافية التي تحتوي على شوارع زراعية وبساتين كثيفة مليئة بأشجار النخل والحمضيات، فضلا عن النهر الذي يمتد على طول الطريق إليها، والتي اطلق عليها عسكريا "مصائد الموت" لسهولة اختفاء الإرهابيين فيها.هذا الصمت لم يدم طويلا، وانتقل الى العلن باستشهاد 4 مقاتلين من الحشد الشعبي وإصابة آخر، جراء اعتداء إرهابي في قضاء الطارمية. وقالت خلية الاعلام الأمني، في بيان، إن 4 عناصر من اللواء 12 من الحشد الشعبي ضمن قاطع الفوج الثالث لواء المشاة 22 قد استشهدوا بعد تعرضهم إلى إطلاق نار بواسطة قناص وانفجار عبوة ناسفة في منطقة ثائر الأولى في قضاء الطارمية.وفي سياق متصل، أوضح مصدر أمني أن هجوم الطارمية كان مزدوجاً وشنه مسلحون لتنظيم داعش مساء الجمعة في القضاء القابع شمالي بغداد.العمليات اثارت بعض الاحاديث، في الوسطين الشعبي والسياسي، وتعدت الى توجيه الاتهامات باستهداف الأهالي من قبل الحشد الشعبي، بل تعدى الامر الى ان البعض اعلن بان الانتخابات ربما تتأجل بسبب العمليات العسكرية التي تجري في الطارمية.هذا الامر استدعى وسائل اعلام ومنها (بغداد اليوم)، الى الدخول الى المدينة لمعرفة حقيقة ما يجري هناك، والتقت برئيس مجلس شيوخ عشائر الطارمية الشيخ سعيد الجاسم، الذي كشف خفايا ما يحصل هناك وتحدث عن دور الحشد والقوات الأمنية، فيها.وقال لـ (بغداد اليوم)، ان "هناك عمليات عسكرية يقوم بها الحشد والجيش في الطارمية التي تحتوي على خلايا ارهابية، وهذه العمليات تنفذ بالتعاون مع شيوخ العشائر في القضاء".وأضاف، ان "القوات الأمنية والحشد الشعبي يحققون نتائج جيدة في العمليات، حيث تم القاء القبض على 12 إرهابيا، لكن بنفس الوقت أدت الى استشهاد بعض افراد الحشد الشعبي، داعيا "أهالي وعشائر الطارمية الى ان يتعاونوا مع القوات الأمنية الى حين انتهاء العمليات العسكرية".وأوضح، ان "الإرهابيين الذين تم القاء القبض عليهم، يتواجدون في منطقتي الهورة والبساتين ".ورد الجاسم على الاتهامات التي تطال الحشد، وقال "لا توجد مشكلة عندنا مع الحشد، الذي يبلي بلاء حسن، وكل الاتهامات التي ضده هي غير صحيحة، اذ ان الطارمية فيها عشائر وهذه العشائر كلها متعاونة مع الحشد".الى ذلك أعلن رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمي، اليوم الاثنين، عن إطلاق عملية أمنية في قضاء الطارمية، فيما أشار إلى تفكيك الكثير من الأزمات الداخلية والخارجية والتغلّب على العديد من التحديات.وحسب بيان لرئاسة الوزراء، أن الكاظمي، زار قيادة العمليات العسكرية في الطارمية واجتمع بالقيادات الأمنية.وأكد الكاظمي أن مكافحة الإرهاب مسؤولية جماعية يجب أن يشارك فيه الجميع، والقضاء على الإرهاب، وتجفيف منابعه يحتاج إلى عزيمة وقوة منكم، وأيضاً من خلال التعاون بين الدولة والمواطن.وأضاف علينا إعادة الخطط الأمنية المتبعة لمواجهة الخلايا النائمة، ومنع تكرار أي خروقات، وسيتم تعزيز قوات إضافية في الطارمية، مشيراً إلى ضرورة العمل بجد ومهنية عالية، والتعاون والتنسيق لتحسين الأداء، وارتفاع مستوى النتائج.ودعا الكاظمي أهالي الطارمية الى الاستمرار في التعاون والإبلاغ عن أي حالة تحرك مشبوهة في المنطقة، لمواجهة عصابات داعش الإرهابية، فضلاً عن تشكيل مجلس من وجهاء المنطقة، للتعاطي والتواصل مع القوى الأمنية في مختلف المستويات.وأعلن الكاظمي انطلاق عملية أمنية، بالتعاون مع أهالي الطارمية، للقضاء على الخلايا النائمة في المنطقة، مشددا على ضرورة الانتباه جميعاً إلى الأصوات المتطرفة، التي تبحث عن فرص لخلق شرخ اجتماعي بين العراقيين وخلق فتن طائفية، هذه الأصوات مرفوضة من قبل الجميع، فقد أثبت العراقيون بأنهم لم ينجروا، ولن ينجروا وراء هكذا خطابات مغرضة.وأشار إلى أن العراق يمر اليوم بظروف حساسة جداً، وقد نجحنا بتفكيك الكثير من الأزمات الداخلية والخارجية والتغلّب على العديد من التحديات، وأمامنا بحدود شهرين للانتخابات المبكرة التي ستأتي بحكومة جديدة، تستمر بما حققناه خلال العام والأشهر الماضية.ولفت إلى أن العراقيين أمام منعطف تاريخي كبير، يجب على الجميع التعاون والمساعدة في عبوره، وتحقيق المصالح الوطنية العليا، مؤكداً العمل على تأسيس دولة عراقية قوية وناجحة بمؤسسات فاعلة ومهنية، وهذا لا يتحقّق من دون مساهمة واعية وفاعلة من قبل المواطنين أنفسهم.