بعد عودته من واشنطن، وعقده قمة مع الملك الأردني عبدالله بن الحسين، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قرأ مراقبون شروع رئيس الوزراء العراقي في سياسة تنأى ببلاده عن المحور الإيراني، وتدفع به نحو العمق العربي.
وفي هذا الإطار، رأت مجلة ناشيونال إنتريست أن التحول الإستراتيجي لسياسة العراق نحو منطقة البحر الأبيض المتوسط، يعد خطوة رائعة لمصلحة الدولة الغنية بالنفط، لافتة إلى أن النفط لا يعد المورد الوحيد لبغداد، بل إن الشعب هو أعظم أصول العراق، رغم الفقر الذي يعيشه منذ سنوات.
ويشير تقرير المجلة إلى أن الكاظمي يسعى لربط العراق مع قبرص واليونان، اللتين صرفتا النظر عن توظيف الأتراك لديهما بعد التوتر في منطقة شرق المتوسط بين اليونان وتركيا، وهو ما تسعى له القيادة العراقية بتوظيف أبنائها في الدولتين، الأمر الذي يمثّل مكسباً لجميع الأطراف.
ويستعد %40 من سكان العراق إلى الدخول في سوق العمل، وهم الجيل الذين ولدوا بعد عام 2003، الذي شهد إسقاط نظام صدام حسين.
وكانت الدبلوماسية العراقية نشطة في ظرف شهرين، بعد زيارة الكاظمي إلى طهران، ثم رحلته إلى واشنطن، التي التقى فيها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في البيت الأبيض.
ووقّع الوزراء المرافقون للكاظمي في واشنطن عدداً من العقود المهمة لتعزيز قطاع النفط المهم في العراق، وتمكين العراق من أن يصبح أكثر استقلالية في مجال الكهرباء.
ويسعى العراق لتحقيق توازن في العلاقات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن، رغم أن هذا الأمر ليس بالسهل، إلا أن المرحلة المقبلة تتضمن مساعي للتخلّص من الهيمنة الإيرانية على العراق، خصوصاً في مجال الطاقة التي تعتمد فيها بغداد على المساعدات الإيرانية، وهو ما تسعى واشنطن لإنهائه من خلال التعاون مع السعودية والكويت في هذا المجال، وذلك بهدف تحسين الشبكة الكهربائية التي تشهد انقطاعا متكررا بشكل دائم.
ولفت التقرير إلى أن الكاظمي يرغب في إرساء أسس مستقبلية ثابتة للعراق، بعيداً عن التحزّبات التي أدى صراعها إلى تمزيق العراق، فضلاً عن جعل العراق لاعباً رئيساً في المنطقة.
زيارة الفياض
في سياق متصل، نشر موقع روسي تقريراً تحدث فيه عن استقبال الرئيس السوري بشار الأسد لفالح الفياض، مستشار الأمن الوطني العراقي سابقا، ورئيس هيئة الحشد الشعبي، التي تضم أكثر من 70 فصيلا مسلحا، التي أصبح بعضها جزءا من تشكيلة الجيش السوري.
وقال الموقع إن الفياض اجتمع أكثر من مرة بممثلين عن الكتلة الأمنية الروسية لتباحث مسألة تزويد العراق بأسلحة دفاع جوي، ومناقشة الوضع على الحدود السورية - العراقية.
وخلال هذه الزيارة، نقل الفياض رسائل الرياض وواشنطن إلى دمشق. وفي الحقيقة، تعد زيارة الفياض إلى سوريا أول زيارة لزعيم عراقي منذ تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الكاظمي، الذي يمثل دور الوسيط بين إيران والولايات المتحدة.
ونقلت وكالة أنباء عراقية بياناً لمكتب الفياض، ورد فيه أنه وصل إلى دمشق وسلّم رسالة إلى الأسد من الكاظمي. ومع ذلك، يشكّك المراقبون الإقليميون في حقيقة أن تكون الرسالة التي تسلمها الأسد مرتبطة فقط بأمن البلدين، خصوصاً أن الاتصالات السورية - العراقية مستمرة على مستوى السفراء والوزراء. كما تتعاون روسيا وإيران والعراق وسوريا في إطار ما يسمى بالتحالف الصغير لمكافحة الإرهاب، بالتنسيق مع بغداد.
وأورد الموقع أنه عام 2018، تناقلت وسائل إعلام روسية أخباراً عن استعداد رئيس الوزراء العراقي برهم صالح لزيارة دمشق لأول مرة منذ عام 2011، غير أن الأمر تبين أنه مجرد إشاعة.