يدور جدل كبير في الأوساط السياسية والعسكرية الإقليمية والدولية، بمدى قدرة العراق على اتخاذ القرار السياسي المستقل والمضي قدما في شراء منظومة الدفاع الصاروخية الروسية الأكثر تطورا. وهل لدى بغداد ما تستطيع أن تعبر به من الضغوط الأمريكية، وهل تسمح الولايات المتحدة بأن يتم نصب تلك المنظومة بالقرب من قواعدها في العراق وكردستان.
لن تسمح واشنطن
قال إياد العناز، الباحث في الشأن العراقي، عن بحث العراق عن منظومات دفاعية جديدة لحماية سماءه في تصريح صحفي له ، "أرى أن الموضوع يتعلق بتوجه إيراني يسعى إلى امتلاك العراق منظومة دفاعية عالية الأهمية هي إس400، لكي يستفيد منها الجانب الإيراني في مشروعه السياسي في العراق ولمواجهة الضغوطات الأمريكية تجاهه والعمل على استخدام هذه المنظومة في كشف جميع التحركات الأمريكية تجاه إيران، عبر أدوات أشخاص الدولة العميقة التي أسسها الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس داخل جميع الوزارات والمؤسسات العراقية ومنها الأمنية والعسكرية".
وأضاف الباحث العراقي، إن عقد اتفاقيات عسكرية متطورة من جانب العراق مع روسيا والصين، ستكون تحت أنظار الأمريكان والذين سوف يترقبون هذا المنحى الذي يأتي برغبة إيرانية جامحه، ولن تسمح واشنطن لخصومها الدوليين أن يكون لديهم حظوة كبيرة في العراق وخاصة في الجانب العسكري.
توجهات أمريكية
وذكر العناز إن "الإملاءات الإيرانية واضحة المعالم في علاقتها مع حكومة بغداد، الرئاسات الثلاث، وتسعى للحفاظ على مواقعها واعتبار بغداد إحدى العواصم العربية التي تدار من الفلك الإيراني، والأرض العراقية مشاع في أي احتمالات مستقبلية بين واشنطن وطهران، واعتماد العراق المصدر الأول في أي مواجهة قادمة بعيدا عن مصالح الشعب العراقي وحياته واستهداف مستقبله والعبث بأمنه الوطني والقومي".
وأشار الباحث في الشأن العراقي إلى أن الأمريكان سيبقون مسيطرين على السماء العراقية، وهي ضمن توجهاتهم الاستراتيجية وخاصة الحدود المشتركة مع سوريا لمنع التمدد الإيراني، ومنع طهران من إنشاء الطريق البري الذي تسعى إليه مع دمشق واستمرار الدعم العسكري والأمني لسوريا، وإسناد مليشياتهم ودعمها ماديا ومعنويا وخاصة الزينبيون والفاطميون.
وأكد العناز أن "العراق لن يستطيع حاليا التوجه إلى الشرق وبشكل خاص في الجانب العسكري، إلا أنه قد يترك له بعض حرية الحركة في الجانب الاقتصادي مع تحديد الجوانب التي يمكنه التحرك من خلالها، كما حدث في الزيارة الحكومية للصين مؤخرا، والتي جاءت من أجل تغطية الهيمنة والتوجه الأمريكي ولو قليلا، نظرا لانعدام القرار السياسي والاقتصادي المستقل في العراق، بسبب الوجود والاحتلال الأمريكي والهيمنة والنفوذ الإيرانية، وسيبقى العراق ضعيفا كما هو هدف استراتيجي لأمريكا وللكيان الصهيوني".
آخر جيش عربي
أما السياسي العراقي، الشيخ ثائر البياتي، قال في حديث صحفي ، إن "تدمير الجيوش العربية وبالأخص الجيش العراقي هو من أهم أولويات المحتل الأمريكي أولا، والمحتل الإيراني ثانيا، وهو آخر جيش عربي كانت له عقيدة عروبية وثوابت تاريخية".
وأضاف السياسي العراقي "لن تستطيع أي حكومة عراقية مهما اختلفت مسمياتها أن تعيد للجيش العراقي مكانته، لأن أي حكومة تتلقى تعليماتها من الخارج بكل تأكيد لن تعمل لصالح العراق، هذا بجانب أن أمريكا لن تسمح بوجود حكومة وطنية تتحرك في الداخل والخارج وفق مصالحها القومية، ولو تجرأ أحدهم على لوجد نفسه متهم، "وكلهم غارقون بملفات الفساد والعمالة وكلها تحت يد أمريكا وإيران".
ولفت السياسي العراقي إلى جدوى امتلاك العراق لمنظومات دفاعية مثل أس 300 و إس 400، مشيرا إلى أن هناك منظومة دولية قد تجعل منها عديمة الجدوى على الأرض.
كما أشار إلى أن تلك المنظومات موجودة في سوريا حاليا ومع ذلك تقصف سوريا بوتيرة تكاد تكون منتظمة، وهذا راجع إلى أن اتفاقات الدول الكبرى أكبر من عقول حكومات الدول الإقليمية الرجعية المتخلفة التي أصبحت "مجرد دمى يتضاحك عليها القاصي والداني" حسب قوله.
وكشف رئيس لجنة الأمن والدفاع السابق في البرلمان العراقي، حاكم الزاملي، أن بغداد تتفاوض الآن لشراء منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس 400"، مشيرا إلى أن هذه المنظومة مهمة جداً، ومن المتوقع أن تدخل العراق خلال العامين المقبلين".
وقال الزاملي، في تصريحات صحفية في مايو/ أيار الماضي، إن "المباحثات متقدمة ولا تزال مستمرة على قدم وساق من قبل وزارة الدفاع العراقية ومستشارية الأمن الوطني مع الجانب الروسي".
وشدد على أن "هناك توجها عراقيا لتعزيز التعاون في مجال التسليح مع روسيا، وهذا ما نتج عنه توقيع عقد بأربعة مليارات دولار لشراء طائرات مقاتلة بجناح ثابت أو متحرك، بالإضافة إلى عقد بمليار دولار لتجهيز العراق بمدرعات".
ولفت الزاملي إلى أن "أمريكا تقف ضد هذه الصفقة، وبالتالي لن تسمح للعراق -بأي شكل من الأشكال- بامتلاك هذا السلاح المتطور".
أكد تحالف الفتح، الخميس الماضي، وجود "ضغوط أمريكية تهدف إلى منع العراق من شراء منظومة دفاع جوي روسية".
وقال النائب عن التحالف محمد البلداوي إن "القوى الوطنية لديها القناة الكاملة بضرورة امتلاك منظومة دفاع جوي قادرة على حماية أجواء البلد".
وأضاف البلداوي في مقابلة متلفزة أن "هناك ضغوطا أمريكية لمنع العراق من شراء منظومة دفاع جوي روسية".
وكان النائب عن كتلة الفتح النيابية عبد الأمير تعيبان، قال الأربعاء الماضي، أن أمريكا تمنع الحكومة العراقية من شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية إس 400.
ويعد هذا النظام الصاروخي الروسي "إس 400" الذي يصل مداه إلى أربعمئة كيلومترا أحد أكثر الأنظمة تطورا، ويستطيع تدمير أهداف تتحرك بسرعة خمسة كيلومترات في الثانية، بما فيها الطائرات والصواريخ ذاتية الدفع ومتوسطة المدى والصواريخ المجنحة