شهد العراق، اليوم السبت، حدثا تاريخيا بانعقاد قمة بغداد لدول الجوار، بحضور عربي ودولي واسعين، في محاولة جادة لترميم علاقات العراق بمحيطيه العربي والإقليمي، والعمل على تخفيف حدة التوترات الدبلوماسية بين بعض الدول العربية المشاركة.وتأتي قمة بغداد لدول الجوار والاجتماع حول حوار واحد، في مسعى جاد وقوي لحل الأزمات والتعاون والتنسيق في مكافحة الإرهاب، بدعوى تأمين المنطقة وحفظ استقرارها، بل والعمل على طي صفحة الماضي، وتدشين علاقات دبلوماسية جديدة بين كثير من الدول المشاركة في المؤتمر.مؤتمر دولييشار إلى أن العاصمة العراقية، بغداد، تشهد اليوم السبت، انعقاد مؤتمر "بغداد للتعاون والشراكة"، بمشاركة 9 دول، هي فرنسا ومصر وقطر والإمارات وتركيا وإيران والسعودية والأردن والكويت.ومن بين الملفات المهمة والمطروحة على أجندة قمة بغداد للتعاون والشراكة أو دول الجوار، اليوم السبت، انعقاد قمة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، في محاولة لترميم العلاقات الثنائية وإعادتها إلى مسارها الصحيح، والذي توقف في العام 2017، حينما قطعت دول الرباعي العربي (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) علاقتها بقطر. وفعليا، صرح المتحدث باسم الرئاسة المصرية، في وقت سابق اليوم، عبر بيان رسمي على صفحتها الرسمية في "فيسبوك"، بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي، سيلتقي لأول مرة بأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في مؤتمر "بغداد للتعاون والشراكة"، وذلك منذ آخر لقاء بينهما في 2017، بعدما اتخذت مصر قرارا بمقاطعة قطر.العلاقات المصرية القطريةوشهدت العلاقات بين القاهرة والدوحة مؤخرا تحسنا كبيرا بعد نحو 4 سنوات كاملة من القطيعة بينهما، وذلك في ظل المصالحة التي جرت بعد توقيع بيان العلا في السعودية مطلع العام الحالي، وأسدلت الستار على الأزمة الخليجية أو أزمة الرباعي العربي مع قطر، التي قاطعت بسببها دول السعودية والإمارات والبحرين ومصر، قطر، منتصف عام 2017.وبعد قمة العلا السعودية، وتحديدا، في الثاني عشر من شهر نيسان/أبريل الماضي، قالت الرئاسة المصرية، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي تلقى اتصالا هاتفيا من أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، للتهنئة بحلول شهر رمضان المبارك.فيما استقبل الرئيس المصري، وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في شهر مايو/أيار الماضي، والذي نقل له رسالة من أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني تضمت دعوة للسيسي لزيارة الدوحة.شراكات عربية عربيةواليوم السبت، وعلى هامش انعقاد قمة بغداد لدول الجوار، يحاول رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، الجمع بين الرئيس المصري وأمير قطر في اجتماع هامشي لتقريب وجهات النظر بينهما، فضلا عن محاولة توقيع اتفاقات شراكة ثلاثية تجمع مصر وقطر والعراق، إضافة إلى شراكات عربية عربية ثنائية أو ثلاثية.ولم يكن المؤتمر بانعقاده في بغداد مهما لإعادة العلاقات المصرية القطرية إلى مسارها الصحيح فحسب، بل إن المؤتمر في غاية الأهمية للعراق، على وجه الخصوص، وكذلك لدول المنطقة، لأن القضايا المطروحة على أجندته هي قضايا مهمة تتعلق بمستقبل المنطقة بشكل عام، على رأسها قضايا التعاون في مجال الأمن والاقتصاد فضلا عن المجالات السياسية.بغداد أرض السلاموتجتمع في العاصمة العراقية أطراف كثيرة بينها خلافات وصراعات، وحضورها للمؤتمر يحمل رسالة طيبة وإيجابية ومؤشرا لاستعدادها للتحاور والتشاور، وقبول دور العراق كوسيط أو طرف مبادر لجمع الفرقاء المتخاصمين والدول المتخاصمة، وهو ما يجعل من بغداد أرض السلام، والمعروف عنها لقبها التاريخي "دار السلام".ومن المفترض أن يلقي المؤتمر المنعقد في بغداد بظلاله على العراق، أولا، وعلى دول المنطقة والعالم ثانيا، خاصة في ظل حالة التوتر التي تشهدها أفغانستان، واستمرار تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، وهو ما يحتاج إلى تكاتف وتعاضد الجميع، وهو ما طرحه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته بالمؤتمر، اليوم، والتي تهدف إلى تدشين مرحلة جديدة من التعاون الإقليمي.مكافحة الإرهابوأكد السيسي أن "لدى العراق العزيمة التي تشجعنا على التكاتف معا"، معتبرا أن هناك "الكثير من الإنجازات تم تحقيقها في العراق، مبديا دعم بلاده الكامل للعراق"، وأضاف: "مصر تدعم العراق لاستعادة مكانه التاريخي وموقعه في العالم العربي"، داعيا إلى احترام سيادة العراق ووقف التدخلات الخارجية في شؤونه.وعن مواجهة العراق للإرهاب، أثنى السيسي على الجيش العراقي، مؤكدا أنه تمكن من إلحاق الهزيمة بالإرهاب، مشيرا إلى أن الانتخابات مسؤولية كبيرة في بناء الدول، ومبديا ثقته في الدولة العراقية وقدرتها على الوفاء بالاستحقاق الانتخابي المقبل.وتوافق أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في كلمته بالمؤتمر، اليوم السبت، في كثير من نقاط الرئيس السيسي، حيث أعرب عن ثقته في أن العراق يعيد اكتشاف مسار قوته، ودعا المجتمع الدولي إلى دعمه، مبديا ثقته بأن العراق يعيد اكتشاف مصادر قوته وأهمها الإنسان العراقي.وأكد تميم بن حمد أنه يثمن الجهود المبذولة في إرساء الأمن والاستقرار في العراق، معربا عن إيمانه بأن العراق مؤهل للقيام بدور فاعل في إرساء الأمن والسلم في المنطقة، مشيرا إلى أن بلاده تواصل دعمها للشعب العراقي في تحقيق تطلعاته، وشدد على أن وحدة العراق وطنا وشعبا، وأمن العراق واستقراره هو من أمن دول المنطقة.تدشين مرحلة جديدةووجهت الحكومة العراقية، في وقت سابق، دعوة لكل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وأمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، لحضور قمة دول جوار العراق، التي تستضيفها العاصمة بغداد اليوم السبت 28 أغسطس/ آب.ربما يدشن مؤتمر بغداد لدول الجوار نقطة مفصلية وتاريخية في تاريخ العلاقات العربية الدولية، والعلاقات العربية العربية الثنائية، كونه يؤسس للسياسة الخارجية صورة جديدة تنعكس بالإيجاب على الواقع العراقي والإقليمي والدولي.