ثمانية عشر عاما، هي عمر تجربة العراق مع الولايات المتحدة الامريكية، بكل ما تحمله من تناقضات ، وخروقات ارتكبتها القوات الامريكية على حقوق الانسان والسيادة العراقية.
هذه التجربة الطويلة، احدثت انقساما كبيرا في الشارع العراقي ان كانت على المستوى السياسي والشعبي، فهناك من يرى ان تواجد القوات الامريكية في العراق من خلال اتفاقية يتم احترام بنودها بين دولتين صاحبتي سيادة هو امر لا بد منه لمنع التعدي على العراق في هذه الفترة الحرجة التي يحتاج بها الى اعادة بناء، في حين ترى اطراف اخرى ان تواجد القوات الامريكية في العراق هو اساءة للعراق، وغير مجد نتيجة الخروقات التي ترتكبها هذه القوات بحق العراقيين وعلى القوات الامنية.
وما زالت الكثير من القوى السياسية والفصائل المسلحة تعتبر القوات الامريكية هي قوات احتلال، وتقوم بين فترة واخرى باستهدافها في مناطق عديدة من العراق لاسيما في مناطق وسط وجنوب العراق.
ويبدو ان هذه التداعيات وضعت حكومة الكاظمي تحت طائلة الضغط وضرورة التباحث مع القوات الامريكية لجدولة انسحابها، لاسيما بعد تصويت البرلمان العراقي على جلاء القوات الاجنبية في العراق بصورة كلية في الخامس من شهر كانون الثاني 2020.
وكانت اخر مباحثات بين البلدين تمت في 7 نيسان من العام الحالي، اتفق خلالها كل من العراق والولايات المتحدة على سحب آخر جندي من القوات الأميركية المقاتلة الموجودة في العراق ، حيث أكد البلدان في بيان مشترك بختام الجولة الثالثة من الحوار الإستراتيجي بينهما ، أن "مهمة الولايات المتحدة وقوات التحالف تحولت إلى مهمة تدريب ومشورة، ما يتيح تاليا إعادة نشر أي قوة مقاتلة ما تزال في العراق، على أن يحدد الجدول الزمني لذلك خلال محادثات مقبلة".
وفي الوقت الذي يتواجد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في واشنطن لتمهيد لقاء رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، مع الرئيس الامريكي جو بايدن، هو الاخير بين الرئيسين بخصوص مناقشة اتفاقية الاطار الاستراتيجي بين البلدين.
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، سيلتقي برئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي في وقت لاحق من هذا الشهر في واشنطن.
وأكد بيان البيت الأبيض، أن الاجتماع سيعقد في 26 من تموز، لتسليط الضوء على الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والعراق وتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين.
وستركز الزيارة أيضًا على المجالات الرئيسية ذات الاهتمام المشترك من خلال مبادرات التعليم والصحة والثقافة والطاقة والمناخ.
وبحسب البيان تتطلع الإدارة إلى تعزيز التعاون الثنائي مع العراق في القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية لتشمل الجهود المشتركة لضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم “الدولة الإسلامية”.
واستُهدف الوجود الأمريكي منذ تسلم بايدن للسلطة، بما لا يقل عن عن ثماني هجمات بطائرات من دون طيار في كانون الثاني الماضي، بالإضافة إلى 17 هجومًا صاروخيًا.
وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، جين بساكي، إن بايدن “يتطلع أيضًا إلى تعزيز التعاون الثنائي مع العراق في القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية لتشمل جهودًا مشتركة لضمان الهزيمة الدائمة” لتنظيم “الدولة الإسلامية”، بحسب مانقلت وكالة “أسوشيتد برس”.
الى ذلك اكد وزير الخارجية، العراقي فؤاد حسين، ان العراق وأمريكا قد يعودان إلى اتفاق العام 2008 بعد انتهاء جولات الحوار.
وقال في بيان لوزارة الخارجية، ان "لقاء الكاظمي وبايدن سيناقش مجمل العلاقات العراقية الأمريكية، مشيرا الى خلو العراق من القواعد الأمريكية ".
واكد ان "جولة الحوار ستشهد الاتفاق على جدولة الانسحاب الأمريكي، حيث ان الأميركان يتواجدون في معسكرات عراقية وليست أمريكية".
وتتضمن الاتفاقية التي ابرمت بين العراق وامريكا عام 2008، وفي زمن حكومة رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي، تحديد "الأحكام والمتطلبات الرئيسة التي تنظم الوجود المؤقت للقوات العسكرية الأميركية في العراق وأنشطتها فيه وانسحابها من العراق".
وتتضمن ايضا ان تنسحب جميع قوات الولايات المتحدة من جميع الأراضي العراقية في موعد لا يتعدى 31 ديسمبر/كانون الأول عام 2011 ميلادي، وتنسحب جميع قوات الولايات المتحدة المقاتلة من المدن والقرى العراقية في موعد لا يتعدى تاريخ تولي قوات الامن العراقية كامل المسؤولية عن الأمن في أي محافظة عراقية، على أن يكتمل انسحاب قوات الولايات المتحدة من الأماكن المذكورة أعلاه في موعد لا يتعدى 30 يونيو/حزيران عام 2009 ميلادي.
وتؤكد على ان تعترف الولايات المتحدة بالحق السيادي لحكومة العراق في أن تطلب خروج قوات الولايات المتحدة من العراق في أي وقت. وتعترف حكومة العراق بالحق السيادي للولايات المتحدة في سحب قواتها من العراق في أي وقت.
ونصت على ان يتفق الطرفان على وضع آليات وترتيبات لتقليص عدد قوات الولايات المتحدة خلال المدد الزمنية المحددة، ويجب أن يتفقا على المواقع التي ستستقر فيها هذه القوات، منها عند نشوء أي خطر خارجي أو داخلي ضد العراق أو وقوع عدوان ما عليه، من شأنه انتهاك سيادته أو أستقلاله السياسي أو وحدة أراضيه أو مياهه أو أجوائه، أو تهديد نظامه الديمقراطي أو مؤسساته المنتخبة، ويقوم الطرفان، بناء على طلب من حكومة العراق، بالشروع فوراً في مداولات ستراتيجية، وفقاً لما قد يتفقان عليه فيما بينهما، وتتخذ الولايات المتحدة الاجراءات المناسبة، والتي تشمل الاجراءات الدبلوماسية أو الاقتصادية أو العسكرية أو أي اجراء اخر، للتعامل مع مثل هذا التهديد.
وتنص ايضا ، بان يوافق الطرفان على الاستمرار في تعاونهما الوثيق في تعزيز وإدامة المؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات السياسية والديمقراطية في العراق، بما في ذلك، وفق ما قد يتفقان عليه، التعاون في تدريب وتجهيز وتسليح قوات الامن العراقية، من اجل مكافحة الإرهاب المحلي والدولي والجماعات الخارجة عن القانون، بناء على طلب من الحكومة العراقية، مع عدم الجواز باستخدام اراضي ومياه واجواء العراق ممراً أو منطلقاً لهجمات ضد دول أخرى.
واعطت الاتفاقية الحق للعراق بممارسة الولاية القضائية على افراد قوات الولايات المتحدة وافراد العنصر المدني بشأن الجنايات الجسيمة والمتعمدة وطبقا للفقرة الثامنة حين ترتكب تلك الجنايات خارج المنشآت والمساحات المتفق عليها وخارج حالة الواجب، فضلا عن الحق لممارسة الولاية القضائية على المتعاقدين مع الولايات المتحدة ومستخدميهم.
كما منحت الاتفاقية الحق للولايات المتحدة لممارسة الولاية القضائية على افراد قوات الولايات المتحدة وافراد العنصر المدني بشأن امور تقع داخل المنشآت والمساحات المتفق عليها وأثناء تأدية الواجب خارج المنشآت والمساحات المتفق عليها.
ومنعت الاتفاقية القوات الامريكية من تفتيش المنازل أو العقارات الأخرى إلا بموجب أمر قضائي عراقي يصدر في هذا الصدد وبالتنسيق الكامل مع السلطات العراقية المختصة، باستثناء الحالات التي تدور فيها عمليات قتال فعلية.
ونصت "تمكين العراق من الاستمرار في تنمية نظامه الاقتصادي الوطني عن طريق إعادة تأهيل البنى التحتية الاقتصادية العراقية، وكذلك توفير الخدمات الحيوية الأساسية للشعب العراقي، وللاستمرار في الحفاظ على موارد العراق من النفط والغاز والحفاظ كذلك على اصوله المالية والاقتصادية في الخارج، بما في ذلك صندوق التنمية للعراق".
واعطت الحق لقوات الولايات المتحدة باستخدام اي مبلغ من النقد بالعملة الاميركية أو المستندات المالية المحددة قيمتها بالعملة الاميركية لأغراض هذا الاتفاق حصراً.ويكون استخدام قوات الولايات المتحدة للعملة العراقية والمصارف الخاصة وفقاً للقوانين العراقية، الا انه لايجوز لقوات الولايات المتحدة تصدير العملة العراقية من العراق، وعليها اتخاذ الاجراءات الكفيلة لتأمين عدم قيام افراد قوات الولايات المتحدة وافراد العنصر المدني والمتعاقدين مع الولايات المتحدة ومستخدمي المتعاقدين مع الولايات المتحدة بتصدير العملة العراقية من العراق".