شكلت العواصف الترابية، خلال الأشهر القليلة الماضية، تحديًا خطيرًا لدول المنطقة، خاصة العراق وإيران، ما أثار احتجاجات مسؤولي البلدين على مشاريع بناء السدود التركية ودورها في خلق أزمة بيئية في المنطقة.
سلط تقرير صحيفة "abna” الايرانية الدور الذي لعبه بناء السدود التركية على دول المنطقة، واستذكر التقرير موضحاً "قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في جلسة استماع برلمانية في 10 أيار إنه "من غير المقبول بالنسبة للجمهورية الإسلامية أن تؤثر دولة مجاورة سلباً على الظروف البيئية في المنطقة من خلال مشاريع السدود".أثارت هذه التصريحات رد فعل من الجانب التركي. قال الناطق باسم وزارة الخارجية التركية تانجو بيلجيتش في 12 ايار إن "المزاعم بأن بناء السد على نهري دجلة والفرات كان سبب العواصف الترابية غير علمية"، مضيفًا أنه "خلافًا للمزاعم الإيرانية ، فإن مصدر الغبار الذي يجتاح العراق وإيران كانت من مناطق إفريقيا والشرق الأوسط".
واضاف التقرير الايراني الذي ترجمته (بغداد اليوم)، ان "التصريحات التي أدلى بها بيلجيتش سلطت الضوء مرة أخرى على قضية الغبار في المنطقة ودور تركيا في هذه الأزمة. وهنا يأتي السؤال: هل يجب أن نلوم سياسة بناء السدود في تركيا على نهري دجلة والفرات باعتبارهما المصدر الرئيسي للعواصف الترابية أم أن هذا ليس السبب؟".
وتابع التقرير "لقد أصبح ملء السدود التركية في السنوات الأخيرة نقطة احتجاج من قبل خبراء البيئة والمسؤولين السياسيين الإيرانيين والعراقيين. أكد خبراء البيئة مرارًا أن تقليص وتقييد مياه نهري دجلة والفرات في دول المصب في إيران والعراق، بالإضافة إلى فرض تكاليف كبيرة على الزراعة والسكان، سيكون له آثار بيئية ضارة كبيرة. في غضون ذلك، كان التركيز أكثر من أي قضية أخرى على استهلاك تركيا للمياه من سد إليسو وما يترتب على ذلك من عواصف ترابية إقليمية".
ولفت انه "على الرغم من تحذيرات المسؤولين الإيرانيين والعراقيين، افتتحت الحكومة التركية في 15 تشرين الثاني 2021، سد إليسو، مما أوقف تدفق 43 مليار متر مكعب من المياه عبر نهري دجلة والفرات من خلال عملية ملئه. وتم ذلك حتى بعد ان حذر خبراء بيئيون من الآثار المدمرة للسد، فضلاً عن عدم احترام حقوق المياه للعراق وسوريا وإيران وفقًا للمعايير الدولية".
يعتقد الخبراء، أن "سد إليسو، الذي تبلغ سعته ثلاثة أضعاف أكبر سد في إيران، الكرخة، سيمنع 56٪ من المياه المتدفقة من تركيا إلى نهر دجلة، مما سيؤدي إلى تجفيف بعض أجزاء العراق وزيادة دخول الغبار إلى إيران. كما يعتقد دعاة حماية البيئة أن سدود تركيا المفرطة على نهري دجلة والفرات ستقلل بالتأكيد من تدفق المياه إلى الأراضي الرطبة وتحولها إلى مصادر غبار، وأن هذا قد يستمر في التسبب في أضرار بيئية وتعطيل النظام البيئي للمنطقة".
وبين انه "وفي الوقت ذاته، تقع حور العظيم، أكبر الأراضي الرطبة في إيران، على الحدود مع العراق وفي مجرى نهري دجلة والفرات. أدى موت هذه الأراضي الرطبة إلى زيادة عدد العواصف الترابية في كل من إيران والعراق. على سبيل المثال، يوجد الآن في مقاطعة خوزستان في جنوب إيران في بعض الأيام الغبار في الهواء 21 مرة أكثر من المستويات القياسية".
واشار التقرير الى انه "في الواقع، يعد سد إليسو جزءًا من مشروع جنوب شرق الأناضول الضخم، والذي تكمن فكرته في بناء 22 سدًا - 14 على نهر الفرات و8 على نهر دجلة - و19 محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية في تسع مقاطعات جنوب شرق تركيا - أديامان، باتمان، ديار بكر، غازي عنتاب، كيليس، ماردين، سيرت، سانليورفا، سيرناك - تغطي مساحة 75358 كيلومتر مربع. على الرغم من أن تركيا تمتلك فقط 54145 كيلومترًا مربعًا، أي ما يعادل 24.5٪، من حوض نهر دجلة و400 كيلومتر، أي ما يعادل 22٪ من طوله، وتوفر 25.240 مليار متر مكعب، أي ما يعادل 52٪ من تدفق مياه دجلة السنوي، تبلغ السعة التخزينية لسدودها على نهر دجلة 17.6 مليار متر مكعب، بينما يبلغ متوسط التدفق السنوي لنهر دجلة بالقرب من الحدود التركية العراقية حوالي 16.8 مليار متر مكعب، مما يعني أن تركيا قادرة على تخزين مياه نهر دجلة بالكامل المدخول داخل حدودها".
وذكر التقرير "يعيش 31٪ فقط من سكان حوض الفرات البالغ عددهم 23 مليون نسمة. ويعيش 44٪ من الباقين في العراق و25 ٪في سوريا. من بين 23.5 مليون نسمة في حوض دجلة، يعيش 15٪ فقط في تركيا، ويعيش 79٪في العراق، و6٪ في إيران.
وأوضح انه "مع وضع كل ذلك في الاعتبار، فإن أزمة المياه في العراق وسوريا وحتى إيران لها جذورها العميقة في بناء السد التركي. حوالي 80٪ من احتياطيات المياه لنهري دجلة والفرات في العراق تأتي من تركيا. في عام 2021، وبسبب السياسات التركية، انخفض منسوب مياه النهرين بنسبة تصل إلى 50 بالمائة، وبالفعل، فإن هذا الانخفاض سيتسع العام المقبل".
وختم قائلًا "في الختام، قطع بناء السد التركي حتى الآن 80٪ من مياه العراق في نهري دجلة والفرات، حيث تم تقليص حصة سوريا بنسبة 40٪. من الآمن القول، على عكس ادعاءات المسؤولين الأتراك، أن سد إليسو من الناحية العلمية سبب مهم للجفاف والتصحر والعواصف الترابية في الأشهر الأخيرة في المنطقة".