أوضح المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، اليوم السبت، تفاصيل صندوق الثروة السيادية المقترح انشاؤه في العراق، فيما حدّد الجهة المسؤولة عن إدارته.
وقال صالح: إن "صناديق الثروة السيادية في العالم تأسست منذ 6 عقود على الأقل وبنيت على حقيقة أن عوائد موارد البلدان المنتجة والمصدرة للمواد الخام كفائضات مالية باتت جزءاً مهماً من الثروة الرأسمالية القابلة للاستثمار والتعظيم والتزايد المستمر بدلاً من استهلاكها بموازنات تشغيلية كبيرة في موازنات سنوية عامة غير منتجة بالغالب".
وأضاف أن "فلسفة تعريف تلك العوائد من الموارد الخام كالنفط وغيره من الثروات الطبيعية الناضبة هي ليست للإنفاق الاستهلاكي بالضرورة بل هي أصول رأسمالية بذاتها ما يتطلب إدامتها وتعظيم نموها بالاستثمار لمنفعة الأمة بشكل تراكمي معمق للثروة نفسها وعبر الأجيال، وبناء على ذلك وبغية أن تخدم الأصول الرأسمالية الحالية الناجمة عن عوائد المواد الخام بما فيها الثروات النفطية، قامت غالبية دول العالم المنتجة للنفط تحديداً بتأسيس صناديق استثمارية سيادية من فوائضها من عائدات النفط ووظفتها كرؤوس أموال في اصول استثمارية ومتنوعة ،سواء أكانت مالية أم حقيقية ومدرة للدخل ليتعاظم رأس المال فيها كثروة متنامية لمصلحة الشعب".
وتابع: "ولهذا فإن عوائد مضاعفة بصورة دخل سيتراكم داخل استثمار موارد تلك الصناديق السيادية بصورة ثروة رأسمالية متوسعة، مدركين في الوقت نفسه بأن الصندوق السيادي هو صندوق استثمار بطبيعته، وهكذا يذهب الصندوق السيادي الى هدف سام وهو تعظيم موارد الأمة الناضبة لمنفعة أهداف التنمية المستدامة من خلال تواصل الازدهار الاقتصادي بين الأجيال".
وشدد على أن "الجيل الحالي ينبغي له أن يوفر لوازم الرفاهية المستدامة للجيل القادم وعلى وفق أفضل الممارسات الاستثمارية للأصول التي ستتضمنها المحفظة الاستثمارية السيادية وفي إطار صندوق الثروة السيادية نفسه"، موضحاً أن "الصندوق السيادي للثروة غالباً ما يدار من جانب السلطة التنفيذية كجهة سيادية مباشرة وبالتعاون بين السلطتين المالية والنقدية للبلاد، ويراقب أداء الصندوق السيادي من جانب المشرعين في مجلس النواب ضمن الأصول والقواعد الرقابية التشريعية للبلاد".
ولفت إلى أن "من أهم المحاور التي نوقشت في موضوع الصندوق السيادي العراقي في ندوة أجراها في بيت الحكمة في أيلول الماضي قد انصبت على معضلة (كيف يمكن لاقتصاد عجز على مدار 40 سنة الأخيرة أن يقوم بتأسيس صندوق للثروة السيادية؟.... والصناديق السيادية ظاهرة نشأت في اقتصادات الفائض عموماً)".
وأردف بالقول: "والجواب على هذا السؤال هو تبني صندوق ثروة سيادية موجه للاستثمار الحقيقي نحو الداخل في إطار تنمية اقتصادية واجتماعية استراتيجية استثنائية وبإسلوب إداري مختلف، ما يقتضي تواجد سيادة الدولة الاقتصادية مجدداً في إدارة المشروع الاقتصادي عبر تحريك المشاريع المعطلة والثروات العاطلة للقطاعين العام والخاص، أي بالشراكة مع السوق والاستثمار الاجنبي، وهذا سيؤدي الى تحريك الاقتصاد الوطني وتطويره وتحويله الى اقتصاد فائض مستدام على نشاطات استثمارية تؤدي الى تنويع لقطاعات الاقتصاد".
ونوه إلى أن "الصندوق السيادي المقترح الموجه نحو الداخل يدار عبر نظام يماثل الشركات القابضة، إذ لوحظ أن الصناديق السيادية القائمة والبالغ عددها 80 صندوقاً سيادياً حول العالم تختلف من دولة الى دولة ومن صندوق الى صندوق".
وختم حديثه قائلاً: "وبغية تجاور المصاعب التشريعية جرى الاقتراح على أن يكون الصندوق العراقي للتنمية الخارجية في وزارة المالية العراقية هو المرتكز القانوني لإدارة صندوق الثروة السيادية المقبل للعراق بعد الاتفاق على نمط وموديل الصندوق وطبيعته والذي ستكون أمواله بالضرورة من ثروة الدولة خارج الموازنة العامة بالغالب وبالشراكة التمويلية والادارية مع ثروات الأشخاص الطبيعية والمعنوية".