×

أخر الأخبار

صدمة 30 عاماً.. إقرار بتهويل المعلومات بشأن أسلحة الدمار الشامل بالعراق

  • 21-09-2021, 23:00
  • 708 مشاهدة

شهد العراق قبل 30 عاما انطلاق أولى عمليات التفتيش الدولية للبحث عن أسلحة الدمار الشامل المزعومة، حيث أنفقت واشنطن مئات ملايين الدولارات لإثبات وجود أسلحة كيميائية وبيولوجية أو برامج نووية هناك. بحسب تقرير أورده موقع الجزيرة.وبعد أسابيع على قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بنزع أسلحة الدمار الشامل من العراق، بدأت لجان التفتيش أعمالها في بغداد صبيحة 21 سبتمبر/أيلول 1991 واستمرت نحو 13 عاما.وبعد سنوات من البحث والتحري، اتهم هانز بليكس -كبير مفتشي الأسلحة- أميركا وبريطانيا بتهويل المعلومات الاستخبارية حول العراق لتبرير استخدام القوة ضده.برامج الدماربدأ تفكير العراق في البرنامج النووي عام 1959 أي بعد سقوط النظام الملكي، حيث تعاقد مع الاتحاد السوفياتي لبناء مفاعل نووي صغير لأغراض علمية وبحثية، ثم توقف البرنامج حتى عام 1968 عندما تم تشغيل مفاعل "تموز" في منطقة التويثة قرب بغداد، بحسب الضابط المتقاعد العقيد الركن عبد الجبار حامد العبو.ويضيف للجزيرة نت أن العراق لجأ إلى فرنسا في منتصف سبعينيات القرن الـ20 الماضي لإنشاء مفاعلين لأغراض سلمية، قبل أن تتعرض مفاعلات العراق لضربة إسرائيلية عام 1981 أدت إلى توقف البرامج العراقية.ويشير العبو إلى أن العراق بدأ يفكر باستخدام الأسلحة الكيميائية خلال الحرب العراقية الإيرانية، بسبب غياب التكافؤ مع الكثافة البشرية في إيران والتي كانت هجماتها على شكل موجات بشرية كبيرة لا يستطيع السلاح التقليدي صدها، وهو ما دفع العراق لطلب المساعدة من ألمانيا للحصول على أسلحة كيميائية بهدف إبادة القطعات الإيرانية التي تحاول دخول العراق.ويوضح أن العراق بدأ برنامجه السري حول الأسلحة الكيميائية في منتصف الثمانينيات، حيث أتى علماء وخبراء ألمانيا إلى العراق مع مواد أولية من ألمانيا وبدأ العراق يصنع أسلحة كيميائية.ويؤكد الضابط المتقاعد أن العراق تخلص من أسلحة الدمار الشامل بعد عام 1991، عندما بدأت اللجان تدخل العراق ودمرت كل المنشآت حتى التقليدية منها، وجرى تفتيش المفاعل النووي العراقي والتأكد بأنه غير صالح للاستخدام.ويشير العبو إلى أن العراق كان لديه دراسات وبحوث نووية ولكنه لم يتمكن من الوصول إلى سلاح ذري أو نووي، لعدم امتلاكه مفاعلات متطورة يمكنها إنتاج كميات كافية.بدء التفتيشوبدأت عمليات التفتيش بموافقة العراق على قرار مجلس الأمن وفتح الطريق أمامهم وتسهيل جميع المصاعب، وتم إعطائهم الحق لتفتيش أي مكان يرغبون به، وحتى مكتب رئيس الجمهورية حينها صدام حسين لم يكن عائقا أمامهم، بل تم توفير الحماية والمرافقة في أي مكان ارتحلوا إليه، وكان قرار الموافقة قرارا سياسيا من الحكومة لوقف الحرب، كما يقول الرئيس السابق لهيئة الطاقة الذرية العراقية الدكتور فاضل الجنابي.وفي حديثه للجزيرة نت، نفى الجنابي العثور على أي وثائق تدل على وجود الأسلحة النووية في بداية زيارة المفتشين، حيث بعد دخلوهم للعديد من المناطق -بحسب المخطط الذي أعدوه بأنفسهم دون تدخل عراقي- تم العثور على تقرير عام عن الطاقة الذرية تابع للمنشأة الذرية العلمية كان محفوظا في قبو تحت مبنى نقابة العمال في بغداد.ويوضح أن سبب حفظ هذا التقرير وحتى بعض المعدات في القبو، هو لحمايتها من القصف الذي طال العراق عام 1991، بالإضافة إلى الكثير من الوثائق العامة والأوراق العلمية، حيث كانت الدولة في ذلك الوقت توثق كل شيء بالتفصيل.وينوه الجنابي إلى أن لجان التفتيش قامت بتعطيل وتحطيم جميع المعدات التي تم إيجادها في القبو خوفا من استعمالها في تطوير السلاح النووي، بينما كانت هذه المعدات الكبيرة لها استخدامات عديدة مغايرة ومهمة وليست مختصرة على الطاقة النووية.وفي السياق ذاته يروي اللواء المتقاعد عبد الخالق الشاهر تجربته مع لجان التفتيش عندما زار فريق المفتشين -ليلا- جامعة البكر للدراسات العسكرية العليا، وقاموا بتفتيش كل شيء، حتى بحوث وأطروحات الطلاب عسى أن يجدوا فيها شيئا.وفي حديثه للجزيرة نت يؤكد الشاهر تعاون العراق الكامل مع لجان التفتيش، حيث تم تعميم قرار من رئيس الجمهورية آنذاك يقضي بمعاقبة أي مسؤول يخفي معلومات تخص الأسلحة البيولوجية والنووية عن فرق التفتيش.محطاتولعل من أبرز محطات تعامل العراق مع لجان التفتيش تجسدت في إيقاف التعاون مع هذه اللجان في 31 نوفمبر/تشرين الثاني 1998، بسبب عدم جديتها وتزييفها للحقائق من خلال التقارير التي كانت ترفعها لمجلس الأمن، كما يقول الأكاديمي والباحث في التاريخ المعاصر الدكتور بشار فتحي العكيدي.وأكد العكيدي للجزيرة نت أن العراق لم يكن يمتلك أسلحة كيميائية متطورة آنذاك، بل كانت عبارة عن أسلحة كلاسيكية ذات تأثير بسيط، الأمر الذي عدّه العراق آنذاك تسويفا من قبل هذه اللجان وعدم جديتها في رفع الحصار عنه، مما دفع الولايات المتحدة وبريطانيا إلى شن هجمات جوية على العراق عام 1998 وأدت إلى سقوط ضحايا مدنيين.ويلفت العكيدي إلى أنه نتيجة لعدم تحقيق هذه الهجمات أهدافها في إجبار العراق على عودة لجان التفتيش؛ أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 1284 في 17 ديسمبر/كانون الأول 1999 بتشكيل لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش "أنموفيك" (UNMOVIC)، والتي كلفت بمسؤولية لجان التفتيش السابقة، ووفق هذا القرار فإن الأمم المتحدة ملزمة برفع الحصار عن العراق بعد مرور 120 يوما من تعاون بغداد مع هذه اللجنة.ويرى أن العراق كان أكثر تعاملا مع لجنة التفتيش "أنموفيك" التي ترأسها هانز بليكس، على خلاف لجنة التفتيش الأولى والتي تشكلت بعد خروج القوات العراقية من الكويت وكانت برئاسة رالف أكيوس الذي افتقد الحيادية في هذا الملف.ويتابع، هروب المسؤول عن التصنيع العراقي آنذاك حسين كامل إلى الأردن في أغسطس/آب 1995 ولقائه رئيس لجنة التفتيش الدولية رالف أكيوس في عمّان والإدلاء بتصريحات يبين فيها أن العراق تمكن من إنتاج أنواع مختلفة وفعالة من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، أعطى لجان التفتيش ذريعة للتشديد على العراق، إذ شكل هذا التصريح الذي أدلى به كامل محطة مهمة من محطات الخلاف بين العراق ولجنة التفتيش الدولية، لا سيما أن هذه اللجنة تشكلت بضغط سياسي من الولايات المتحدة وليس بإطار قانوني، بحسب العكيدي.نتائج التفتيشوحول النتائج التي أسفرت عنها عمليات التفتيش، يقول الباحث وخبير الشؤون الأمنية والإستراتيجية الدكتور مؤيد الونداوي إن هذا الملف تم استغلاله سياسيا بهدف إطالة أزمة الحصار على العراق والمساومة من أجل المزيد، حيث استخدم استخداما سيئا رغم قناعة المفتشين الدوليين بعد سنوات قليلة إلى أن العراق لا يمتلك أي قدرات لصناعة قنابل ذرية.ويبيّن للجزيرة نت أن أي لجان فنية تستطيع اكتشاف واقع الحال، وبالتالي كان وجود المفتشين لغرض سياسي لا أكثر، فتجدهم يبحثون عن أسلحة الدمار الشامل في غرف النوم أو في المباني الصغيرة المعروف بأنها غير متصلة بصناعة الدمار الشامل.ويصف الونداوي ما جرى بأنها مسرحية صيغت بطريقة مهينة في الأمم المتحدة عندما جلس وزير الخارجية الأميركي ليتهم العراق بامتلاكه أسلحة دمار شامل على عربات متنقلة، وهذا النوع من الكذب الرخيص سرعان ما انكشف، ولكن بعد أن تم توريط الكثير من الدول عن عمد وإصرار.ويكشف الونداوي أن اللجان تعمدت -بقصد واضح ولأسباب سياسية- إبقاء ملفات تدمير أسلحة العراق الشاملة والادعاء بأن العراق لا يتعاون من أجل تبرير الغزو.