توفيت الشاعرة العراقية إحدى أعلام الشعر الحر، لميعة عباس عمارة، اليوم الجمعة، عن عمر ناهز 92 عاماً، في ولاية كاليفورنيا حيث مكان إقامتها.
ونعى الراحلة الرئيس العراقي برهم صالح، إذ غرد في حسابه الرسمي على تويتر قائلا: نودّع الشاعرة الكبيرة لميعة عباس عمارة، في منفاها، ونودّع معها أكثر من خمسة عقود من صناعة الجمال، فالراحلة زرعت ذاكرتنا قصائد وإبداعا أدبيا ومواقف وطنية، حيث شكّلت عمارة علامة فارقة في الثقافة العراقية، في العاميّة والفصحى، نسألُ الله المغفرة لروحها والصبر لأسرتها الكريمة ومحبيها”.
ونعى مجلس إدارة فيدرالية البيت المندائي أيضا الشاعرة عمارة في بيان له، قائلاً: “تلقينا نبأ رحيل لميعة العراق بعد سفر حياة مشرف سجلت فيه للعراق من خلال نبوغها الشعري حبا لا يضاهيه حب”.
وأضاف بيان المجلس “سنبقى نتذكر مكانتك الأدبية الراقية وأشعارك الجميلة ما حيينا”.
وتعد لميعة عباس، من أبرز رواد الشعر الحر، وساهمت بتأسيس مدرسته الأولى في العراق، بمشاركة بدر شاكر السياب، وصلاح عبدالصبور…وآخرين.
ولدت الشاعرة العراقية، لعائلة عريقة ومشهورة في بغداد حيث عمها صائغ الفضة المعروف زهرون عمارة، وتنتمي العائلة الى طائفة “الصابئة المندائية”.
حصلت على الثانوية العامة في بغداد، وحصلت على إجازة دار المعلمين العالية سنة 1950، وعينت مدرسة في دار المعلمات، وهي ابنة خالة الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد، التي كتب عنها في مذكراته الكثير.
بدأت الشاعرة لميعة كتابة الشعر، في وقت مبكر من حياتها، إذ كانت ترسل قصائدها إلى الشاعر إيليا أبو ماضي، الذي كان صديقا لوالدها، ونشرت لها مجلة “السمير” أول قصيدة وهي في الرابعة عشر من عمرها، وقد عززها إيليا أبو ماضي بنقد وتعليق مع احتلالها الصفحة الأولى من المجلة، إذ قال: “إن في كان العراق مثل هؤلاء الأطفال الشعراء، فعلى أي نهضة شعرية مقبل العراق..”.
ولها سبعة دواوين شعرية، مع ديوان (بالعامية) والعديد من المؤلفات المنشورة وغير المنشورة، ومن مجموعاتها الشعرية الزاوية الخالية، وعودة الربيع، وأغاني عشتار، ويسمونه الحب، ولو أنبئني العراف، والبعد الأخير…
وترأست الراحلة تحرير مجلة (مندائي) التي تصدر في الولايات المتحدة.
غادرت “عمارة” التي ذاعت شهرتها عربياً، بلدها العراق عام 1978 وبعد اغترابها بعدة دول، حطّت الرحال في كاليفورنيا الأمريكية حيث رحلت اليوم.
ويقول الصحفي العراقي علي الكرملي في مقال تزامن مع مرض الشاعرة إن عمارة تعد من أهم رواد الشعر العراقي الحديث، إلى جانب “السياب” و”نازك الملائكة” و”عبد الوهاب البياتي” وابن خالها “عبد الرزاق عبد الواحد”.
ويضيف ازدهر شعرها منذ الستينيات وبلغ قمته في السبعينيات، وبعد اغترابها لم تتوقف، استمرت بإبداعها، وكانت آخر قصيدة لها قبل سنتين فقط.
والشهر الماضي، تعرّضت الشاعرة العراقية إلى وعكة صحية، غابت فيها عن الوعي مدة قصيرة بسبب مشاكل في جهازها الهضمي.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، نعاها كتاب وشعراء ومدونون، وأشادوا بمسيرتها الحافلة، وما قدمته لبلدها وللشعر العربي بشكل عام.
من أبرز قصائدها:
عاد الربيع..
وانت لم تعد
ياحرقة تقتات من كبدي
عاد الربيع فألف وا أسفي
الا تحس به.. الى الابد
أنساك! كيف؟ والف تذكرة
في بيتنا تترى على خلد
هذا مكانك في حديقتنا
متشوقا لطرائف جدد
كم قد سهرنا والحديث ند
وعلى ذراعك كم غفا ولدي
وتهيب أمي شبه غاضبة
«برد الهواء، فأكملوا بغد»
تخشى عليك وكلها وله
ان تستمر وان تقول زد
وهنا مكانك حين يجمعنا
وقت الطعام بداك قرب يدي
وهنا كتابك في هوامشه
رأي وتعليل لمنتقد
ورسائل وردت وأعوزها
رد عليها بعد لم يرد
ياوجهة الريان من أمل
كيف احتملت تجهم اللحد.