يعد موسم جني التمور في محافظة ديالى، الذي يعرف محلياً بـ"الكصاص"، أشبه بعرس أو حفل يجمع الأهل والأقارب للتعاون على الجني.
وتعمل نسوة يطلق عليهن "الطواشة" على جني التمور بأجور محددة، وقد يؤدي هذه الوظيفة الأقارب الذين يأتون للعون والمساعدة.
"يمتد الكصاص على فترة زمينة تترواح بين أسبوعين – ثلاثة أسابيع"، يقول إبراهيم العبيدي وهو مزارع يملك بستاناً للنخيل تصل مساحته إلى 10 دونمات قرب بعقوبة، مركز محافظة ديالى.
ويضيف العبيدي، أن "الأقارب والأصدقاء يتجمعون خلال هذه الفترة بينما يقوم الصاعود أو (الكاصوص) بتسلق النخيل ليجني التمور ويرميها على الأرض فيقوم الطواشة وأغلبهن نساء بفرز التمور الجيدة ووضعها في أكياس لتنقل إلى المخازن وخاصة تمور الزهدي"، مبيناً أن "هذه الفعالية تعد إطاراً اجتماعياً متوارثا ولا يزال يجمع الأهل والأقارب كل عام رغم صعوبة الأوضاع والحياة بشكل عام".
"تزوجت بسبب الكصاص"
بالنسبة لباسمة عمران، المسنة ذات الثمانين عاماً، فإن موسم "الكصاص" يرتبط بذكريات مهمة في حياتها.
وتقول "أتيت من بغداد إلى ديالى قبل يومين لمشاركة أهلي وأقاربي موسم الكصاص، ورؤية بساتين أجدادي حيث عشت أيام الطفولة والصبا والشباب قبل أن انتقل إلى العاصمة".
وتضيف عمران في حديثها لـ وكالة من كربلاء الخبر أن "هذا الأمر يحمل لمسة حنين للماضي ويعيد الذكريات حيث كنا نجتمع من مناطق عدة لجني التمور ثم يأخذ الجميع حصته من المحصول ليجتمعوا في الموسم المقبل.. تزوجت بسبب حضور موسم الكصاص".
من جانبه، يوضح علاء منير (25 عاماً) الذي يمتهن صعود النخيل لجني التمور منها منذ 9 سنوات، تفاصيل عمله، قائلاً إنه ورث هذه المهنة من عائلته التي تمارسها "منذ 80 عاماً وربما أكثر".
وأضاف: "يوفر لي موسم الكصاص فرصة كبيرة للعمل لمئات الشباب العاطلين سواء في صعود النخيل أو الطواشة أو نقل التمور إلى المخازن"، مبينا أن الأسعار التي يتقاضها هو تختلف باختلاف المهام التي تطلب منه، فـ"هناك جنياً كاملاً للتمور وهناك ما يعرف باللقاط الخاصة بالأنواع المميزة، ويكون الحساب على السلة وليس على النخلة.. كل شيء له ثمنه لكن بالمحصلة فإن أجري 40 ألف دينار أو أقل بقليل حسب العمل".
"عامٌ جيد"
"انتاج التمور هذا العام أفضل من الموسم الماضي إذ أن هناك زيادة تصل إلى 30%"، يقول رئيس الجمعيات الفلاحية في ديالى رعد مغامس التميمي، مبيناً في حديثه لموقع IQ NEWS، أن "موسم الكصاص هذا العام جيد وأفضل خاصة مع الأجواء المناخية الجيدة وعدم ظهور أوبئة فتاكة في النخيل".
ويشير التميمي إلى أن "ديالى فقدت آلاف الدونمات بعد 2003 بسبب الاضطرابات والجفاف والآفات والتجريف لكنها لاتزال تحتفظ بنسب جيدة من الاراضي والبساتين التي تمثل مورداً هاماً للمزارعين، بينما وفر موسم الكصاص فرص عمل ذهبية لآلاف العاطلين عن العمل في ظل تداعيات جائحة كورونا الحاضرة بقوة".
من جهته، يوضح قائممقام قضاء بعقوبة عبدالله الحيالي أن قضائه الذي يعد أكبر مناطق ديالى احتواءً على بساتين النخيل، فقد أكثر من 7 آلاف نخلة جراء عمليات التجريف الواسعة بعد 2006 بسبب أزمة السكن، ومع ذلك لا تزال هناك عشرات الأصناف المميزة من التمور في بعقوبة.
وييبّن أن "تمور ديالى بشكل عام تتميز بالجودة والتنوع كما تحوي أصنافاً نادرة على مستوى العراق".
ويتفق رئيس اللجنة الرزاعية في مجلس ديالى السابق حقي الجبوري مع الحيالي على "أهمية" ديالى في إنتاج التمور العراقية، لافتاً في حديثه ل وكالة من كربلاء الخبر إلى أن "هناك أكثر من 100 ألف دونم زراعي في ديالى تنتج عشرات الآلاف من أطنان التمور خاصة الزهدي والخستاوي فضلاً عن 60 صنفاً آخر بعضها نادر".