×

أخر الأخبار

تكنوقراط!

  • 23-02-2016, 13:38
  • 1 367 مشاهدة

 

عادل حمود

لا يبدو ان العمل السياسي العراقي ببعده الحكومي يعتمد على ستراتيجية واضحة تضعها مراكز متخصصة تعمل باعتبارها راسمة لخارطة الطريق التي تتبعها الحكومات المتعاقبة التي يجري تشكيلها بفعل نتائج صندوق الانتخاب، فذلك العمل صار يعتمد فكرة المختبر التجريبي الذي يعمل التجربة بمكونات معينة ويعيدها عند عدم نجاحها باستخدام مكونات مغايرة، او صار يعتمد فكرة الارتجال وفقا للظروف الآنية وما ينتج عنها من تداعيات شعبية او حزبية لإسكات الاحتجاجات الجماهيرية او تقليل الضغوطات الاعلامية وصولا الى انهاء فترة الدورة الحكومية بأقل قدر من الاضرار بالنسبة لصانع القرار وقائد الحكومة. فبعد حزم الاصلاحات الاولى والثانية الشاملة لحذف مناصب حكومية ودمج اخرى ببعضها وتقليص الترهل في تكوين الكابينة الحكومية، وبعد عدم تلافي هذه الحزم لمقدار الضعف في الاداء العام لتلك الكابينة، خرج رئيس الوزراء بتجربة جديدة هي تغيير القائمين على المناصب الحكومية المرشقة والمدموجة مع بعضها في اشارة واضحة الى ان ضعف الاداء ناجم بالاساس عن ضعف اداء وعدم كفاءة الشخوص المختارين لهذه المناصب!. وربما نسي رئيس الوزراء او تناسى، ان الضعف الادائي يعود بالاساس لوجود تراكمات فساد في الدوائر الادنى مستوى في البنية الحكومية، ابتداء من ابسط موظف الى المدراء العاميين فضلا عن تراكمات الروتين الاداري، ووجود مافيات الفساد المرتبطة في نهاياتها المتشعبة بأحزاب، ورجال سياسة، وتجار ذوي علاقات مشبوهة، ومنظمات مخابراتية، ودول تكيل للعراق وشعبه العداء والبغضاء. وليس بمقدور شخص بحد ذاته مهما احتل من منصب وزاري، ان يتصدى لها لوحده، فتلك عملية تعاضدية تشمل جميع الوزراء في خلية عمل واحدة، وهي عملية تحتاج الى الكثير من الوقت والجهد المشفوعين بالصبر والانتظار، فلا يمكن لوزير التجارة مثلا ان يتابع مافيا فساد تشمل موظفين في تلك الوزارة ورجال اعمال يرتبطون بهم، واحزابا او شخصيات سياسية تعمل معهم او جهات اجنبية تدعمهم، فذلك عمل يتطلب جهدا من وزارة الداخلية ومن هيئات النزاهة والمفتش العام والمخابرات، ومن الوزارات التي تتعامل معها الوزارة تجاريا، كوزارتي الزراعة والصناعة وغيرهما. ولم يأخذ رئيس الوزراء في حسبانه ايضا، ان هؤلاء الوزراء المراد تبديلهم يمثلون الواجهة لأحزاب سياسية تتابع عملهم وتحاسبهم وتقوم بتوجيههم، وان التوجه الى تغييرهم بشخصيات لا تنتمي لأحزاب او مرجعيات سياسية قد يكون فعلا خاطئا لان الوزير المعين سيكون بلا مرجعية يمكن الركون اليها والطلب منها بمتابعته وتوجيهه، ومن ثم محاسبته ومحاسبتها عندما يحين موعد صندوق الانتخاب مما يعطي الفرصة للاحزاب التي يقصر وزراؤها في عملهم للتنصل عن المسؤولية في التقصير. ولا يمكن للغطاء المعلن باسم تشكيل حكومة التكنوقراط لإجراء التغييرات، ان يغطي جميع وزراء الحكومة، فبعضهم هم من اصحاب الاختصاص اصلا، والبعض الآخر اصبحوا تكنوقراط بفعل تجربتهم الحالية او السابقة في ادارة المؤسسات الحكومية والوزارات. وليس المهنية والاختصاص هما الفيصل في اختيار الشخصية في الوقت الحالي على الاقل، بل ان النزاهة والعزم على القضاء على الفساد والعمل على تعزيز دور المؤسسة في خدمة المواطن، هي المقومات التي يجب اعتمادها للاختيار، اي ان المعيار التكنوقراطي المطلوب هو المهنية في النزاهة اكثر من كونه في الاختصاص!.