سلط معلق إسرائيلي بارز، الضوء على جهود إيران بشأن التوجه الحقيقي نحو الحصول على سلاح نووي، منوها أن طهران تعتمد سياسة السير على "شفا الهاوية"؛ ولا تسعى أن تكون حاليا دولة نووية، بل تريد أن تكون على بعد بضعة أشهر من إنتاج سلاح نووي؛ أي تقف على عتبة الدولة النووية.
عملية سرية
وذكر يوسي ميلمان، المعلق الإسرائيلي الخبير بالشؤون الأمنية والاستخباراتية، في تقرير له بصحيفة اخبارية ، أنه في 13 تموز/يوليو الحالي مرت خمس سنوات على توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول العظمى الستة، الذي يستمر حتى 2025، ومؤخرا تعرضت إيران لانفجارات وحرائق في مواقع للصواريخ ومحطات الطاقة والمنشآت الصناعية، والأهم من كل ذلك في منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز".
ونوه أن أحد الانفجارات، وقع في عدد من المباني في الموقع نتيجة قنبلة شديدة القوة (حسب احد الروايات كان السبب هجوم سايبر)، تسببت بأضرار كبيرة لأجهزة الطرد المركزي المتقدمة، ونسب هذا التخريب لعملية سرية للاستخبارات الإسرائيلية، وربما بالتعاون مع المخابرات الأمريكية".
واعتمادا على تقارير مختلفة، "الضرر الذي أصاب أجهزة الطرد المركزي سيؤخر المشروع النووي الإيراني سنة"، معتبرا أنه في حال كانت "إسرائيل" تقف خلف هذه التفجيرات فهذا "انجاز لها، لكنه انجاز تكتيكي وليس استراتيجي".
ولفت ميلمان، إلى أن "إسرائيل والولايات المتحدة تديران منذ عشرات السنين حربا شديدة؛ سرا وعلنا، من أجل تشويش وتعويق المشروع النووي الإيراني، و يستخدمون في هذه الحرب أدوات كثيرة تشمل؛ تخريبات في المنشآت والمعدات، تصفية علماء، حرب سايبر، صراع دبلوماسي وفرض عقوبات تمس باقتصاد الدولة".
ورغم هذه الحرب، إلا أن "إيران لا ترتدع، وتواصل تطوير برنامجها بوتيرة تتغير حسب الظروف"، بحسب الخبير الذي رأى أنه "حان الوقت لتغيير المفهوم الذي يقول؛ إيران تسعى بكل ثمن لإنتاج السلاح النووي".
أسباب خاصة
وعبر نظرة بسيطة على تاريخ إنتاج السلاح النووي، نجد أن 11 دولة، أرادت إنتاج القنابل النووية، وفعلت ذلك في فترة زمنية تتراوح بين 3- 10 سنوات، وهذه الدول هي؛ الدول العظمى الخمسة، إسرائيل، الهند باكستان وكوريا الشمالية، إضافة إلى جنوب افريقيا وأوكرانيا؛ حيث قامتا بتفكيك القنابل بإرادتهما.
وقال: "من الصعب فهم كيف أن إيران التي يوجد لها معرفة علمية كبيرة، وحصلت عن طريق الخداع على التكنولوجيا النووية، إضافة إلى المستوى العالي لعلمائها وجامعاتها، تجد صعوبة منذ ثلاثين سنة في تصنيع قنبلة"، مضيفا: "ربما يجب التوصل لفهم، أن طهران كان يمكنها صنع قنابل نووية منذ فترة، ولكنها لا تفعل ذلك لأسباب خاصة بها".
وقدر أن القيادة الإيرانية استخلصت من حربها مع العراق التي استمرت 8 سنوات، "الدرس الأكثر أهمية، أن إيران التي استهدفت مدنها بالصواريخ، وجب عليها تطوير صواريخ من جميع الأنواع ولأي مدى؛ وفعلت ذلك، في البداية بمساعدة كوريا الشمالية، وبعد ذلك عن طريق الانتاج الذاتي المثير للإعجاب".
وأما الدرس التالي، هو "وجوب تطوير وإنتاج السلاح الكيميائي ووسائل الوقاية منه، إضافة إلى استئناف البرنامج النووي الذي بدأ قبل الثورة".
وبحسب منشورات إيرانية، "لم تؤكد في بيانات راسخة، تم الادعاء بأن الخميني نفسه تحفظ من إنتاج السلاح النووي، لأنه يتعارض مع تعاليم الديانة الإسلامية، ومهما كانت الحقيقة، بعد وفاة الخميني في 1989، تم استئناف المشروع النووي من قبل خليفته علي خامنئي، ومنذ ذلك الحين المشروع مستمر رغم التشويش من قبل إسرائيل وأمريكا".
العمل السري
وزعم ميلمان، أنه "بعد العقوبات التي فرضت عليها وتهديد إسرائيل بمهاجمة المنشآت النووية، وافقت طهران في 2015 على التوقيع على الاتفاق النووي مع الدول العظمى؛ وهو الاتفاق الذي عارضه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وتم التوقيع عليه لمدة 10 سنوات، وهو يفرض على ايران قيود مشددة، وقد احترمتها".
وكانت تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية في حينه، أن "إيران قريبة بمسافة 3- 6 أشهر من إنتاج القنبلة الأولى، وتسبب الاتفاق بإعاقة قدرتها مدة 3 سنوات".
وبين المعلق الأمني، أنه "منذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق، وفرض العقوبات، تقوم إيران باتخاذ خطوات مضادة ومحسوبة مثل؛ استئناف تطوير أجهزة الطرد المركزي المتقدمة"، معتبرا أنه هذه "خروقات مقلقة، لكنها لا تقوم بالانطلاق نحو إنتاج القنبلة".
وشدد على وجوب "مواصلة الضغط الدولي الاقتصادي والعمل السري ضد إيران، في حين يجب علينا أن ندرك، أن إيران تسعى إلى أن تكون دولة عتبة نووية، لكنها في ذاتها مترددة؛ هل تقوم بإنتاج قنبلة أم لا".
وأشار إلى أن "المعضلة الايرانية؛ أن القيادة الإيرانية تفهم أن السلاح النووي، هو الضمانة لبقاء النظام وحاجز أمام أي هجوم عسكري، وتدركا أيضا أن إنتاج القنابل لن يلقي عليها فقط غضب إسرائيل والغرب، بل غضب صديقتيها روسيا والصين، كما أن المقاطعة الاقتصادية المفروضة عليها ستتعزز وستضر بشكل كبير بالسكان، وستجعل خصمتيها؛ السعودية وتركيا، تطوران سلاحا مشابها".
وأفاد أن "هذه الأفكار الإيرانية تترجم لسياسة السير على شفا الهاوية؛ البقاء على بعد بضعة أشهر وحتى سنة من إنتاج سلاح نووي، دون الانطلاق نحوه".