بالتزامن مع بدء اجراءات توزيع الرواتب للموظفين، وتأجيل التوزيع لموظفي إقليم كردستان حتى يتم حسم ملف الإيرادات النفطية، رد نواب على بيان رئيس الجمهورية الذي انتقد قانون تمويل العجز المالي، واعتبره أحدهم "انتصارا لأخوته الكرد"، فيما ذهب اخر الى ان الاقليم يملك الاموال اللازمة لتوزيع الرواتب لانه لم يسدد ما بذمته لبغداد.
ويقول النائب ملحان المكوطر، في حديث لـ"من كربلاء الخبر " إن "رئيس الجمهورية برهم صالح كردي، ومن حقه ان ينتصر لاخوته الكرد، ولم يعتبر نفسه رئيسا للعراق وبداخله يشعر بالغبن نتيجة ماحصل اثناء تمرير قانون تمويل العجز المالي".
ويضيف أن "الرغبة الكردية مستحوذة على صالح، اكثر من كونه رئيسا لجمهورية العراق"، لافتا الى ان "الكرد يريدون شراكة مع العراق العظيم بكل شيء، ولا يعطون أي شيء من اموال الدولة التي لديهم والمستحصلة عن بيع النفط والمنافذ الحدودية".
وفي 13 تشرين الثاني نوفمبر الجاري، وبعد يوم من تصويت مجلس النواب على قانون تمويل العجز المالي، أصدر رئيس الجمهورية رهم صالح بيانا اكد فيه أنه "لابد من اعتماد سياسة الإصلاح الشامل في المعالجة الجذرية وحماية رواتب الموظفين كأولوية لا تتحمل التساهل، ولكن من المؤسف أن إقرار القانون قد تم بغياب التوافق الوطني، وتحديداً من المكون الكوردي، مما يشكل سابقة سلبية في العمل السياسي، وأن الترحيب بتوفير رواتب الموظفين في العراق لا يمكن أن يكون مكتملا بدون حل لرواتب أقرانهم من موظفي الاقليم، وهم مواطنون عراقيون ولهم حقوقهم المنصوص عليها في الدستور".
وقد أقر البرلمان القانون، وسط مقاطعة القوى السياسية الكردية له، نتيجة لعدم وجود فقرة تنص على تسليم بغداد 320 مليار دينار، للاقليم لغرض صرفها كرواتب للموظفين، وهذا ما أدى الى تأجيل التصويت على القانون لغاية فجر الخميس، حتى تم التوصل لاشتراط منح بغداد هذا المبلغ للاقليم، بعد تسديد ما بذمته من اموال تصدير النفط الى شركة النفط العراقية سومو، إضافة الى الايرادات الكمركية.
واليوم الاحد، أصدر مصرف الرشيد بيانا مقتضبا، قال فيه "تمت المباشرة برفع رواتب الموظفين في الدوائر الحكومية كافة".
الى ذلك، ينوه النائب عن تحالف الفتح عامر الفايز، في حديث لـ"العالم الجديد" إلى ان "القانون لم ينص على عدم شمول الكرد به، بل حفظ حقوق المواطنين الكرد والحكومة الاتحادية، حيث نص القانون على أن يتم تسليم الموظفين الاكراد رواتبهم عن طريق المركز، على ان تلتزم حكومة الاقليم بتسليم كافة واردات النفط الى بغداد، ويكون البيع مستقبلا عن طريق شركة سومو، فضلا عن تسليم كافة اموال المنافذ الحدودية".
ويردف الفايز، ان "القانون لم يتعد على أي حق، وان عدم قبول سياسيي الكرد به، يعني ان هناك نية مبيتة لديهم باستحصال المبالغ الخاصة بالرواتب، وعدم ارسال المستحقات النفطية لهم، ونحن قلنا لهم خلال المناقشات داخل قبة البرلمان، اذا كنتم تريدون ان نرسل لكم الرواتب الخاصة بموظفيكم، فعليكم ان ترسلوا اموال النفط والمنافذ، وبخلاف هذا الكلام لن نستطيع ان نرسل لكم اي شيء".
ويتابع "ليس هناك اهواء عنصرية في تمرير القانون، وكل ما في الامر أننا أردنا ان يمرر القانون بالتوافق السياسي، لكن اصرار اطراف على تمرير جزء وتعطيل جزء اخر، جعلنا مجبرين على تمريره بالاغلبية السياسية".
ويشير الى ان "المركز لديه مستحقات على الاقليم، وعلى الاخوة توزيع رواتب الموظفين من الاستحقاقات الموجودة بذمتهم، ولاحقا يتم تصفية الحسابات، فاذا كان لديهم نقص في الاموال، فسيأخذ الاقليم من المركز ما يحتاجه، واذا وجدت لديكم زيادة في توزيع الاموال فتسلم الى بغداد، وبخلاف ذلك سيعتبر الامر تمرد على الحكومة الاتحادية".
وكان صالح أشار في بيانه الى الخلافات بين بغداد واربيل، قائلا، نؤكد على عدم تحميل المواطنين والموظفين تبعات الصراعات السياسية التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم، وكما يجب التأكيد على ضرورة حل الإشكاليات العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، وتحديدا ملف النفط، وتداركها وفق الدستور وبشفافية، وبما يحقق العدالة وحقوق المواطنة لجميع العراقيين، وإن الظروف الحساسة التي يمر بها البلد، وتتطلب من الجميع التكاتف والتعاضد ونبذ لغة النعرات الطائفية والقومية.
وأدى التصويت على القانو، الى انشقاق كردي كردي، فالحزب الديمقراطي الكردستاني، كان من أشد المعارضين لتمرير القانون بوضع شروط لمنح الاقليم رواتب موظفيه، وتمثل ذلك ببيان لزعيم الحزب مسعود بارزاني، اذ قال في بيان "القانون الذي شرعه مجلس النواب دون اخذ الشراكة والاتفاقيات المبرمة بنظر الاعتبار نعتبره ورقة سياسية وضغطا على الاقليم ومعاقبة لشعب كردستان، وتجاوزا على مبادئ الشراكة والتوافق والتوازن بين مكونات العراق، كما نعتبره تضييقا للخناق على شعب كردستان ومحاربته".
وبخلاف وجهة النظر هذه، رأي الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني لاهور شيخ جنكي أن "دغدغة المشاعر القومية لن تعالج الازمة المالية، ويجب الا نسمح بان تضع الاخطاء السابقة المتراكمة مستقبل شعبنا امام المخاطر، فالاوضاع المعيشية لأية عائلة في اقليم كردسان مقدسة ويجب علينا حمايتها".