عاد الجدل بشأن أصل وباء فيروس كورونا بعد أن أصدر علماء دراستين متطابقتين تفيد بأن سوق المأكولات البحرية والحيوانات الحية في ووهان يعتبر مهد الجائحة.
وتؤكدان الدراستان الفرضية حول بدايات الوباء الذي خرج من الصين أواخر عام 2020 وأودى بحياة ما يقرب من ستة ملايين شخص في جميع أنحاء العالم.
وقال مايكل ووروبي، عالم الأحياء التطورية بجامعة أريزونا والمؤلف المشارك لكلا الدراستين الجديدتين: "عندما تنظر إلى كل الأدلة معا، فإنها تشكل صورة واضحة للغاية بأن الوباء بدأ في سوق هوانان".
ويرى العديد من العلماء المستقلين أن الدراستين - اللتين لم يتم نشرها بعد في مجلة علمية - قدمتا تحليلا جديدا مقنعا للبيانات المتاحة.
وقالت عالمة الأوبئة بجامعة كوبنهاغن، ثيا فيشر، والتي لم تشارك في الدراستين الجديتين، "إنهما مقنعتان للغاية".
وأضافت: "مسألة ما إذا كان الفيروس قد انتقل من الحيوانات تم تدعيمها الآن بدرجة عالية جدا من الأدلة الموثوقة".
لكن بعض العلماء أشاروا إلى وجود بعض الثغرات التي لا تزال قائمة في الدراستين الجديتين، لا سيما عدم تحديد هوية الحيوانات الناقلة للفيروس التاجي للبشر.
وقال عالم الفيروسات في مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان، جيسي بلوم، "أعتقد أن ما يطرحانه قد يكون صحيحا. لكنني لا أعتقد أن جودة البيانات كافية للقول إن أيا من هذه السيناريوهات صحيحة بثقة".
سلالتان
في دراسة منفصلة نُشرت على الإنترنت، الجمعة، حلل علماء المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها الآثار الجينية لأقدم العينات التي تم جمعها من سوق هوانان للمأكولات البحرية في يناير 2020.
والتقط الباحثون العينات من خلال مسح الجدران والأرضيات والأسطح الأخرى داخل السوق قبل تعقيمها من قبل الشرطة، وكذلك اللحوم التي لا تزال في المجمدات والثلاجات. كما اختبروا الفئران والقطط والكلاب الضالة في السوق لمعرفة إصابتها من عدمه، ثم حللوا العينات بحثا عن الآثار الجينية لفيروسات كورونا التي ربما جاءت من البشر أو الحيوانات.
وأفادوا أن عينات سوق هوانان تضمنت فرعين تطوريين للفيروس، والمعروفين باسم A وB، وكلاهما كان منتشرا في حالات مرضى كوفيد-19 الأولى في الصين.
في الأيام الأولى للوباء في الصين، بدا أن حالات كوفيد الوحيدة المرتبطة بالسوق هي من سلالة B. ولأن سلالة B بدا أنها تطورت بعد سلالة A، يعتقد بعض الباحثين أن الفيروس وصل إلى السوق فقط بعد أن انتشر في المناطق القريبة منه.
لكن هذه الفرضية فندتها الدراسة الصينية الجديدة، التي وجدت كلا السلالتين في عينات السوق. وتتوافق النتائج مع السيناريو الذي طرحه الدكتور ووروبي وزملاؤه في دراستيهم.
على الرغم من أن سوق هوانان كان موضع شك مبكر، إلا أنه بحلول ربيع عام 2020، كان كبار أعضاء إدارة ترامب يروجون لفكرة أن فيروس كورونا الجديد قد تسرب من معهد ووهان لعلم الفيروسات، وهو مختبر لفيروس كورونا يقع على بعد كيلومترات قليلة من السوق.
ولا يوجد دليل مباشر على أن الفيروس التاجي الجديد المعروف باسم "سارس-كوف-2" كان موجودا في المختبر قبل الوباء. لكن الحكومة الصينية تعرضت لانتقادات؛ لأنها لم تكن شفافة بشأن الأيام الأولى للوباء.
وخلصت الدراستان الجديدان إلى أن التفسير الأكثر ترجيحا هو أن كلا سلالتي A وB من فيروس كورونا الأول في الصين انتقلتا من حيوان إلى أشخاص مختلفين داخل السوق، على الأرجح في نوفمبر من عام 2020.