وطالب ناشطون عراقيون، الأحد، بتشكيل "مجاميع للدفاع عن النفس"، لمواجهة عمليات الاغتيال التي يتعرضون لها، والتي يتهمون الحكومة بـ "السكوت عنها"، وذلك بعد مقتل الناشط من البصرة، تحسين أسامة.
ويتهم هؤلاء ميليشيات عراقية مدعومة من إيران بـ"التخطيط لقتل الناشطين"، فيما تقول مصادر أمنية إن "عمليات التحقيق في حوادث الاغتيال لن تصل إلى نتيجة".
ودعا القيادي في التظاهرات العراقية، أسعد الناصري، الناشطين إلى "الدفاع عن أنفسهم"، و"أخذ كامل الحيطة والحذر"، بعد ساعات من دفن أسامة، آخر ضحية لعمليات الاغتيال التي تستهدف الناشطين، والذي قتل في البصرة بـ21 رصاصة قبل يومين.
وانتقد متظاهرون عراقيون حكومة، مصطفى الكاظمي، وأطلقوا على مواقع التواصل الاجتماعي حملة باسم "اغتيالات مستمرة والقاتل حر"، والتي تفاعل معها مغردون من أنحاء البلاد، وأصبحت الأكثر الهاشتاكات تداولا على مواقع التواصل الاجتماعي العراقية.
وقال الناشط في تظاهرات البصرة، سامح الشحماني، إن "المتظاهرين ضاقوا ذرعا بعمليات الاستهداف التي قتلت الكثيرين من قيادييهم، كما أن القانون لا يطبق إلا عليهم، وهم مطالبون بالبقاء عزلا (بلا سلاح)، فيما يسرح القتلة خلفهم بالسكاكين والكواتم".
وأثار مقتل الناشط البصري، تحسين أسامة، الذي كان يدعو لمحاربة الفساد والميليشيات، غضبا كبيرا في عموم البلاد، خاصة بسبب الطريقة الوحشية لمقتله، ولكونه من المتظاهرين البارزين في البصرة، كما إنه أب لأربعة أطفال.
وفي مراسم دفن أسامة، أطلق المشيعون هتافات غاضبة تتوعد بالقصاص من القتلة وتهاجم الحكومة
وقال الشحماني لموقع "من كربلاء الخبر " إن "خيار اللجوء إلى السلاح للحماية الشخصية هو خيار صعب ومعقد، ففيما يمتلك أغلب العراقيين أسلحة، تحاسب قوات الأمن بشدة المتظاهرين الذين يحملون أبسط أنواعها، حتى وإن كانت مجرد عصا، فيما يمر القتلة مدججين بالأسلحة الكاتمة من خلال نقاط التفتيش بدون أن يتعرض لهم أحد".واستبعد الشحماني أن يستجيب المتظاهرون لدعوات حمل السلاح، لكنه قال إن "الموقف صعب، والحكومة لا تحمي المتظاهرين ولا تحاسب القتلة".
وقال مصدر أمني، من جهاز الاستخبارات التابع لوزارة الداخلية العراقية، لموقع "الحرة" إن "اكتشاف القتلة سهل فنيا، ويوميا تكشف أجهزة الشرطة عشرات المتورطين في الجرائم الجنائية بعد ساعات أو أيام قليلة من تنفيذهم الجريمة".
لكن المصدر قال إن الجرائم "الخاصة" هي أمر أكثر تعقيدا، لأن "المحققين يتخوفون من تعرضهم هم أنفسهم إلى القتل"، في حال لاحقوا القتلة.
وقال المصدر إن "الأجهزة الأمنية مخترقة من قبل المجاميع المسلحة المدعومة سياسيا وأي تحقيق جاد يعرض القائمين عليه إلى خطر الموت، كما أن ضباطا ومنتسبين تابعين لتلك المجاميع يقودون هم أنفسهم أحيانا تحقيقات بشأن جرائم الاغتيال، ويتكتمون على نتائجها".
وقال ناشط في تظاهرات بغداد، لموقع "من كربلاء الخبر " إن "القتلة معروفون، وهم يقومون بجرائمهم من دون حتى تغطية وجوههم، لأنهم يعرفون أن جرائمهم ستمر بدون حساب".
ويضيف الناشط الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن "الميليشيات قتلت المتظاهرين علانية في زمن حكومة عبد المهدي، وهي الآن تقتلهم واحدا تلو الآخر"، مؤكدا "لم يتغير شيء".
وقتل، تحسين أسامة، بعد أكثر من شهر على مقتل الخبير الأمني البارز، هشام الهاشمي، والذي تعهد رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي أبان اغتياله بأن "الحكومة لن تنام قبل أن يتم الكشف عن قتلته".
وقال الناشط في تظاهرات كربلاء، سعد المحنة، إن "الدعوات لحمل السلاح أو تنظيم فرق للدفاع عن النفس، هي دعوات تنطلق من لحظات غضب وألم، لكنها غير واقعية لأنها في الحقيقة تخالف ما خرج المتظاهرون لأجله، وهو حصر السلاح بيد الدولة وإعلاء سلطة القانون".
ويضيف المحنة قوله: "يعرف المتظاهرون جيدا أن مثل هذه الدعوات ستؤدي إلى منح الحجة لقمعهم بشكل عنيف، كما أنه من غير الممكن أن يوفر المتظاهرون حماية دائمة لأنفسهم"، مؤكدا أن "واجب الحكومة حمايتنا، وحقيقة أنها أخفقت بتنفيذ هذا الواجب لن يدفعنا للتنكر لمبادئنا، لأن هذا ما تريده الميليشيات، أن نتحول جميعا إلى مجرمين".