وأعلنت الحكومة العراقية الثلاثاء 4 آب، ارسال القانون، الى محطته الاخيرة في مجلس النواب، ومن المؤمل ان يصوت عليه البرلمان في حال استئناف جلساته المتوقفة بسبب تفي وباء كورونا.
حمي القانون، بحسب بنوده، "الشرائح الضعيفة في المجتمع"، مثل الأطفال والنساء، ويعاقب الرجال الذين يمارسون العنف والضرب والقتل. ويأتي إقرار القانون بعد سنوات من مطالبات منظمات محلية ودولية، وفي ظل ارتفاع معدلات العنف الأسري، التي ارتفعت نسبتها خلال الحجر المنزلي ضمن إجراءات الوقاية من فيروس كورونا خلال الأشهر الماضية.
وحول سبب تأخر تشريع القانون يوضح نائب رئيس لجنة حقوق الانسان البرلمانية قصي عباس بالقول ان "سبب ترحيله من دورات سابقة كان بسبب الاعتراضات من بعض القوى الاسلامية في مجلس النواب"، مبينا ان "القانون تعمل عليه عدد من اللجان من بينها لجنة المرأة والاسرة ولجنة حقوق الانسان البرلمانية".
الشبكي اكد في بيان تلقت وكالة من كربلاء الخبر ، نسخة منه ان "الجميع يعلم ان الخلاف حول القانون سياسي ويخص الشرع والدين الإسلامي في بعض فقرات القانون، الذي ترى فيه القوى السياسية الإسلامية انه يمس الشرع الديني"، لافتا الى ان "القانون تم مناقشته في ورش عمل داخل المجلس وخارجة وبمشاركة منظمات مجتمع مدني وقانونيين واختصاص لكنه حتى اللحظة لم يصل الى مرحلة النضوج الذي يجعل الجميع يتوافقون عليه".
ويشيد الشبكي باهمية القانون في معالجة المشكلات الاسرية ويشير الى ان "القانون يتضمن إيجابيات كثيرة في ظل وضع العراق الحالي ويعالج العديد من حالات العنف الاسري الغريبة عن مجتمعنا الشرقي والعراقي سواء بحرق اب لأبنائه او غيرها من الامور التي بحاجة الى ردع لايقاف هكذا تصرفات"، لافتا الى "المعترضين على القانون يستندون على الدستور في مادته التي تتكلم عن ان الدين الرسمي للدولة هو الإسلام وأن بعض فقرات القانون حسب وجهة نظرهم تتعارض مع فقه الاسلام اضافة الى الاعتراض على أمور ترتبط بطبيعة تعامل رب الاسرة مع افراد عائلته بما يقلل من هيبة رب الاسرة داخل بيته بحسب وجهة نظرهم".
ويوضح، ان "القانون يحافظ على تماسك الاسرة وهنالك نوعا ما شئ من المبالغة في المخاوف المطروحة، وسنعمل مع بداية جلسات البرلمان على رسم صورة وصياغة وبعض التعديلات لبعض المواد في القانون بما يضمن هيبة رب الاسرة وبنفس الوقت يحافظ على كرامة الاسرة ويقلل من مظاهر العنف الاسري، و يخلق توافق بين القوى السياسية بغية تمريره لاهميته".
وفي نيسان 2020، حثت الأمم المتحدة في العراق، البرلمان العراقي على الإسراع في إقرار قانون مناهضة العنف الاسري وسط تقارير مثيرة للقلق عن إرتفاع في حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف الأسري في جميع أنحاء البلاد، وخاصة مع تزايد وتيرة التّوتر بين أفراد الأسرة نتيجة للحجر المنزلي بسبب جائحة الكوفيد (كورونا).
وترفض كتلة النهج الوطني النيابية، بشدة تشريع القانون ويقول رئيسها عمار طعمة ان "القانون يساوي بين الأفعال الجرمية التي يرفضها جميع العقلاء كالتعذيب المفضي الى عاهة او ضرر دائمي وبين مسؤولية الوالدين في تربية الاولاد ورعايتهم من الوقوع في ممارسات الشذوذ الاخلاقي واعتناق الفكر العدواني وما يترتب عليه من سلوك إجرامي يهدد استقرار المجتمع ويجعل كلا الامرين جريمة يعاقب عليها القانون وهذا مايجعلنا نشكك في دوافع ومنطلقات المتحمسين لهذا القانون الخاطئ".
ويعلل طعمة اسباب رفض القانون بالقول ان "القانون يعتبر كل فعل يندرج ضمن واجبات الوالدين بتربية وتأديب اولادهم جريمة عنف اسري وهذا توجه خطير يضرب استقرار الأسرة العراقية، كما ان تعريف جريمة العنف الأسري غامض ويمكن تطبيقه حتى على اجراءات الأبوين التي تحمي اولادهم من مخاطر فكرية او اخلاقية او انحراف في السلوك لذلك لابد من تعريف الجريمة واحدة واحدة وبحدود واضحة وصريحة وتذكر لها العقوبة المناسبة بشكل واضح".
ولفت طعمة الى ان "دور الإيواء فيها مخاطر كثيرة على الأولاد وهم بعيدون عن متابعة والديهم فإذا كان الخلاف من نوع المشاكل الأسرية فالصلح هو الحل مع مساعدة دائرة الإرشاد والبحث الاجتماعي وإذا كان الفعل جرميًا فمن يعاقب هو الشخص الذي ارتكب الفعل الجرمي فلماذا يتم نقل الضحية الى دار إيواء".
ويشير طعمة ان "ليس صحيحًا ان يطلب احد أفراد العائلة عند حصول اي مشكلة أسرية من القاضي إصدار قرار بإيداعه في دور الإيواء ، ولكن تعطى الفرصة لجهود الإصلاح ولو بالاستعانة بالأقارب ودوائر الإرشاد والبحث الاجتماعي لحل المشكلة وإيقاع الصلح"، موضحا ان "القانون يتضمن مواد تلزم الموظف بخدمة عامة او الفرد الذي سمع بحصول مشكلة او خلاف عائلي ولو على سبيل الشك او الاشتباه بتسجيل بلاغ لدى المحكمة عن تلك العائلة وهذا الباب سيفتح مشاكل وأحيانا دعاوى كيدية والى ان تثبت حقيقة الأمر تكون سمعة الأسرة تعرضت للتشويه والإحراج".
وتابع، "كما يسمح القانون بإقامة الشكوى دون التقيد بالاختصاص المكاني ولو بقيام شخص غريب من محافظة أخرى ومن مخبر لا يعلن هويته خصوصًا مع تجويز القانون إقامة الدعوى من قبل الغريب حتى لتلك الدعاوى التي لاتقام الا من قبل المجني عليه حصرًا".
كان بيان مشترك صادر عن ممثلات المرأة في البرلمان والحكومة قد أوصى في وقت سابق بالإسراع في تشريع قانون الحماية من العنف الأسري وجعله من أولويات عمل مجلس النواب، والتوصية لرئاسة مجلس النواب بجعله في جدول أعمال أولى الجلسات.
وفي نيسان الماضي، عبرت 4 منظمات تابعة للأمم المتحدة (صندوق الأمم المتحدة للسكان، ومفوضية حقوق الإنسان، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة) في بيان مشترك، عن قلقها من ارتفاع وتيرة العنف الأسري بالعراق في ظل جائحة كورونا.
وقالت تلك المنظمات في بيانها، إن "من شأن إقرار قانون مناهضة العنف الأسري ضمان محاسبة مرتكبي جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي في العراق".
وسجلت وزارة الداخلية خلال النصف الاول من العام 2020 أكثر من 1300 قضية عنف أسري، بحسب بيان لمتحدث الداخلية سعد معن.
ويلزم مشروع القانون، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية فتح مراكز آمنة لضحايا العنف الأسري في بغداد والمحافظات كافة، لحمايتهم وإعادة تأهيلهم، مع مراعاة الاحتياجات الخاصة لذوي الإعاقة، ويحق للمنظمات غير الحكومية المتخصصة فتح وإدارة المراكز الآمنة بموافقة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الداخلية، وأجاز للمحكمة إصدار قرار الحماية على وجه الاستعجال أثناء نظر الدعوى لمعالجة الحالات الضرورية.
كما تضمن تشكيل دائرة تسمى (مديرية حماية الأسرة) في وزارة الداخلية تتولى تنفيذ المهام المنصوص عليها في هذا القانون، يرأسها موظف بدرجة مدير عام، وله خبرة في مجال شؤون الأسرة لمدة لا تقل عن خمس سنوات، كذلك تشكيل محكمة مختصة من قبل مجلس القضاء الأعلى، أو أكثر في المناطق الاستئنافية للتحقيق في قضايا العنف الأسري.