ترعرع في أجواء العلم وحفظ القرآن والدراسة الحوزوية في النجف الأشرف، عُرِفَ منذ صغره بتحديه للأنظمة الحاكمة ومقارعتها، خاصة النظام البعثي الصدامي المباد، وتجلى هذا التحدي بإقامته (قدس سره) صلاة الجمعة وتصديه بنفسه لإمامتها في مسجد الكوفة، وتعميم إقامتها بمختلف المحافظات، وهو تحد لم يشهد له مثيل في تاريخ العراق منذ حقب طويلة، اتخذ السيد الصدر من هذه الحركة الفريدة والنوعية منبراً لتوعية أبناء الأمة وكذلك لإشهار سخطه من السياسة المحلية والدولية.
قضى الشهيد السعيد السيد محمد محمد صادق الصدر حياته بين دروس العلم ومدارسه الحوزوية، ولفت انتباه أساتذته بذكائه وسرعة بديهيته وغزارة قراءته للكتب على اختلافها، فدرس على يد عدد من العلماء الكبار ومنهم السيد روح الله الخميني والسيد الشهيد محمد باقر الصدر وأبو القاسم الخوئي والسيد الحكيم وغيرهم من أساطين العلم.
ارتدى السيد (قدس سره) الزي الديني وهو في الحادية عشرة من عمره ودرس النحو على يد والده السيد محمد صادق الصدر ثم على يد السيد طالب الرفاعي وحسن طراد العاملي أحد علماء الدين في لبنان، ومن ثم أكمل بقية المقدمات على يد السيد محمد تقي الحكيم ومحمد تقي الأيرواني، وتخرج في الدورة الأولى من كلية الفقه عام 1964.
بدأ السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر بتدريس (البحث الخارج) في عام 1978 م وكانت مادة البحث التي يدرسها (المختصر النافع) للمحقق الحلي.
وأخذ السيد الشهيد يطرح أبحاثه في الفقه والأصول وأبحاث الخارج عام 1990 واستمر في ذلك متخذاً من مسجد (الرأس) الملاصق للصحن الحيدري مدرسة لتلك الأبحاث.
شارك السيد الصدر في الانتفاضة الشعبانية عام 1991 ضد النظام الصدامي وسرعان ما تم اعتقاله من قبل عناصر الأمن إذ تعرض جسده الطاهر إلى أبشع أنواع التعذيب.
وفي عام 1993 تصدى السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر للمرجعية الدينية بعد وفاة المرجع الأعلى آية الله العظمى السيد عبد الأعلى السبزواري، وسعى للحفاظ على الحوزة العلمية في النجف الأشرف فقام بخطوات عديدة أهمها إرسال المبلغين إلى أنحاء العراق كافة لتلبية حاجات المجتمع.
وبسبب دعواته الإصلاحية وجرأته أصبح السيد الصدر مصدر إلهام روحي لأغلب العراقيين لاسيما الشباب، الأمر الذي جعل النظام البعثي يشعر بخطورة السيد الصدر على بقائه، فأقدمت الأجهزة القمعية التابعة لدوائر الأمن باغتيال هذا العالم الرباني الكبير الذي وضع بصمة في ضمير الأمة ونقش على جبينها كلماته الثلاث المشهور( كلا كلا أميركا.. كلا كلا إسرائيل.. كلا كلا للشيطان) وفي يوم الجمعة الرابع من ذي القعدة الموافق التاسع عشر من شباط عام 1999 تعرض السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر لعملية ملاحقة من قبل سيارة مجهولة بعد خروجه من الصحن الحيدري الشريف باتجاه منزله في منطقة الحنانة برفقة نجليه السيدين الشهيدين مؤمل ومصطفى، فأطلقوا النار على السيارة التي كان يستقلها مع نجليه وسرعان ما اصطدمت العجلة بشجرة قريبة، فترجل المهاجمون من سيارتهم وبدأوا بإطلاق النار بكثافة على السيد الصدر ونجليه فاستشهد السيد مؤمل فوراً، أما السيد محمد محمد صادق الصدر فقد تلقى جسده الطاهر رصاصات عدة، ولكنه بقي على قيد الحياة، وعند نقله إلى المستشفى تم قتله برصاصة بالرأس من قبل أزلام النظام المباد، أما السيد مصطفى فأصيب بجروح ونقل إلى المستشفى من قبل الأهالي وتوفى هناك متأثراً بجراحه.
وعلى إثر انتشار خبر استشهاد السيد محمد محمد صادق الصدر شهدت مناطق جنوب العراق ومدن عديدة في العاصمة بغداد، غضباً شعبياً عارماً عرف بانتفاضة الصدر 1999 التي قاومها
النظام البعثي وأجهزته بالقتل والاعتقالات والمطاردات.