دعونا نبدأ بالقصة من البداية، وبدايتنا مع دراسة حديثة شملت تحليل 72314 مصابا بفيروس كورونا في الصين، ونشرت في مجلة الجمعية الطبية الأميركية.
بحثت الدراسة نسب الوفاة بين مرضى الكورونا من فئات مختلفة، ووجدت أنه بالنسبة للأشخاص المرضى الذين لا يعانون من أمراض مزمنة أو سرطانات أو مشاكل في المناعة، توفي منهم نسبة أقل من 1%.
أما مرضى كورونا المصابون أصلا بالسرطان فقد كان معدل الوفيات 5.6%، وكانت للمصابين بارتفاع ضغط الدم 6%، و6.3% للمصابين بأمراض تنفسية مزمنة، و 7.3% لمرضى السكري، و10.5% للمصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وبالنسبة للمرضى الذين تتراوح أعمارهم بين 70 و79 عاما كان معدل الوفيات 8%، وللذين تزيد أعمارهم عن 80 عاما كانت النسبة 14.8%.
ووفقا للعلماء يتماشى هذا النمط لفيروس كوفيد-19 مع فيروسات كورونا الأخرى مثل متلازمة الالتهاب التنفسي الحادة "سارس" ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية "ميرس"، والتي كانت تقتل بشكل أكبر أيضا المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة.
أصحاء صغار
ورغم أنه يمكن للأشخاص الأصحاء الصغار في العمر أن يموتوا نتيجة فيروس كورونا، ولكن النسبة أقل. ومثال ذلك الطبيب لي ون ليانغ (34 عاما) الذي كان يعمل في مستشفى ووهان، والذي كان أول من أبلغ عن ظهور الفيروس في مدينة ووهان، وتوفي في 6 فبراير/شباط.
ونأتي إلى العاصفة الخلوية، إذ تقول الدكتورة ميلاني أوت من معهد غلادستون لعلم الفيروسات والمناعة الأستاذة في قسم الطب بجامعة سان فرانسيسكو، إن بعض الأشخاص قد يكون لديهم استجابة مناعية خطيرة، خاصة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.
هذه الاستجابة المناعية الخطيرة هي العاصفة الخلوية، تحدث عند إنتاج الخلايا المناعية بشكل مفرط وتدخل إلى الرئتين، مما يقود إلى تدهور في الجسم يشبه تسمم الدم. يرافق هذا تراجع في القدرة على التنفس والتهاب رئوي، مما قد يقود في النهاية إلى الموت.
وأيضا قد يكون سبب الموت الأضرار المباشرة التي تحدث في الرئتين.
أيضا إذا كان الشخص مصابا بالفعل بمشاكل في الرئة فإنه يكون أكثر عرضة لمسببات الأمراض التي تدخل الرئتين، وأيضا يجب ألا ننسى أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض الرئة يعانون بالفعل من انخفاض في التنفس.
أكثر شراسة
أيضا هناك تطور حديث، إذ كشفت دراسة أن فيروس كورونا تطور ليصبح سلالتين مختلفتين، إحداهما تبدو أكثر عدوانية من الأخرى، وفقا لتقرير نشرته صحيفة تلغراف البريطانية.
وأجرى الدراسة باحثون في كلية علوم الحياة بجامعة بكينغ الصينية ومعهد باستور في شنغهاي، وأظهرت أن الفيروس تطور إلى سلالتين رئيسيتين أطلقوا عليهما النوع "أس" والنوع "أل".
ووفقا للدراسة فإن السلالة الأقدم من الفيروس "أس" تبدو أخف أعراضا وأقل عدوى، أما السلالة الثانية "أل" التي ظهرت لاحقا فهي أسرع انتشارا ومسؤولة عن حوالي 70% من حالات الإصابة بالمرض حاليا.
وقالت الصحيفة إن التحليل الوراثي لرجل مصاب بالفيروس في الولايات المتحدة تم التأكد من إصابته في 21 كانون الثاني أظهر أن إصابة الشخص نفسه بكلا النوعين ممكنة.
ووفقا للصحيفة، فإن العلماء الصينيين الذين قاموا بتحليل الحمض النووي للفيروس لـ103 مصابين، توصلوا إلى أن سلالة الفيروس الأقل خطورة هو المنتشر الآن في الصين، وتوقعوا أن أسباب ذلك قد تعود إلى الإجراءات الصحية المشددة التي اتبعتها الصين للحد من تفشي الفيروس.
هذا التطور في فيروس كورونا قد يشكل عاملا آخر يحدد مآل حالة المصاب، الحياة أو الموت.
أي أن سبب وفاة البعض بفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" هو مزيج من العاصفة الخلوية، والأضرار التي تحدث للرئة نتيجة كورونا، والمشاكل السابقة الموجودة بالفعل نتيجة أمراض سابقة التي يفاقمها فيروس كورونا. بالإضافة لنوع الفيروس الذي أصيب به الشخص.
رغم ذلك، فإن العلماء يحتاجون لإجراء المزيد من الدراسات لاستيضاح آلية قتل الفيروس لضحاياه، وهو ما يعمل عليه الباحثون حاليا