عدم الاستقرار المالي في العراق وعدم قدرة السياسة المالية على كبح جماح الافراط في الانفاق العام والحكومي تجلى وبشكل واضح في موازنة علاوي ٢٠٢١ العجيبة الغريبة فهل يعقل ان تضع موازنة ١٦٤ تريليون دينار عراقي وبعجز ٧٢ تريليون دينار عراقي لمصلحة من هذا الانفاق المفرط ، اذ الانفاق في عام ٢٠٢١ يعادل نفقات سنوات ٢٠١٦- ٢٠١٧ ، فالانفاق الفعلي في عام ٢٠١٦ كان ٦٧ تريليون دينار عراقي .
عندما ندرس طلبة المالية والمصرفية وطلبة المالية العامة نقول لهم يجب ان وزير المالية صلفا وجلفا تتذكرون وزير المالية اليهودي في الملكية طلب منه انفاق ١٥٠ دينار رفض صرفه ، لا خوف من الملك ولا خوف من وزير هو هذا وزير المالية صلفا جلفا .
وعليه مفهوم الانضباط المالي غالبا في موازنة العراق لعام ٢٠٢١ ويعود ذلك الى عدم قدرة الحكومة في المحافظة على تنفيذ العمليات المالية بشكل سلس مما يضمن السلامة والرخاء المالي على المدى الطويل، الذي يعد منظوراً متعدداً للحفاظ على الوضع المالي إبّان حدوث الصدمات، وذلك من خلال كونه مقياساً لقدرة السياسة المالية على كبح الإفراط في الإنفاق، ومن ثم العجز المالي.
العجز المالي الذي وصل في موازنة العراق الى ٧٢ تريليون دينار عراقي واستمرار العجز بهذه الصورة يعني انهيار الدولة واقتصادها الهش.
وفي ضوء ذلك يبدو ان القائم على السياسةالمالية يعيش في واقع منفصل على الواقع الذي نعيشه . اذ ان هناك ازمة صحية ومؤشر فقر بحدود ٤٠% ، وبطالة بحدود ٤٠% وكل ذلك غاب المنطق الاقتصادي والاجتماعي في منطق الارقام الخيالية ١٦٤ تريليون دينار عراقي الرواتب فيها ٥٣ تريليون دينار عراقي فيما كان يجب ان تكون الموازنة العامة للدولة بحدود ٨٥ تريليون دينار عراقي كما هو الحال في موازنة ٢٠٢٠ ،
العجز في موازنة ٢٠٢١ كبير بحدود ٧٢ تريليون دينار عراقي وهو الاعلى في تاريخ الموازنات لعامة للدولة العراقية يعني بحدود ٤٩ مليار دولار أمريكي وعند المقارنة مع بلدان نفطية نجده الاعلى السعودية ٣٨ مليار دولار أمريكي، قطر ٩.٥ مليار دولار، تونس ٣.٢ مليار دولار، البحرين ٣.٤ مليار دولار، الجزائر ٣٣ مليار دولار، علما ان نسبة العجز في الناتج المحلي الإجمالي في العراق بحدود ١٩.٤% ونسبته من الموازنة العامة للدولة بحدود ٣٨.٨% .
موازنة عجيبة انفجارية استهدفت القوة الشرائية للمواطن العراقي في ظل رفع سعر الصرف ١٨% من جانب وتهديد مباشر لرواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام مع فرض ضرائب جديدة تستهدف السلع والخدمات وكلها ستؤثر على الفقير بعكس تصريح وزير المالية بان الموازنة واجراءتها المؤلمة لاتؤثر على الطبقات الاجتماعية الهشة والضعيفة في المجتمع، بالتالي كان يفترض استبعاد رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام فالمبلغ الذي تتأمل وزارة المالية الحصول عليه من استقطاعات الرواتب بحدود ٤ تريليون دينار عراقي كان يمكن الحصول عليه وتوفيره من مصادر اخرى وعدم استهداف هذه الشريحة المهمة التي تمثل الانفاق الفعلي في السوق وهي المحركة للقطاع الخاص والمهن في قطاع التجزئة .
موازنة تستبعد المشاريع الاستثمارية وتخصص ٢٧.٥ تريليون دينار عراقي، ١٦.٨% من الموازنة للانفاق العسكري فيما حصة الانفاق الاجتماعي( التربية والتعليم والصحة) بحدود ٨ تريليون دينار عراقي يعني بحدود ٤.٩ % من الانفاق العام في الموازنة وهذا معناه ان حصة الانفاق العكسري يفوق الانفاق الاجتماعي بنسبة ٣٤% .
الحكومة تقول انها تدعم المنتج المحلي الوطني وتخصص ٨٢٥ مليار دينار للوقف الشيعي و ٣٦٠ مليار للوقت السني فيما تخصص للزراعة ٣١٥ تريليون دينار عراقي والصناعة بحدود ٢٨٠ تريليون دينار عراقي بالرغم من ان الوقفين الشيعي والسني يملكون العقارات والايرادات الخاصة بهم .
والحقيقة أن موازنة ٢٠٢١ لم تراعي الازمة المالية بترشيد الإنفاق الحكومي والمصروفات غير الضرورية التي تثقل كاهل الموازنة العامة للدولة فلا مبرر ل ٢١ تريليون دينار عراقي مستلزمات سلعية وخدمية وصيانة السيارات و المركبات ومستلزماتها فضلا عن البرامج الخاصة لدوائر الدولة المختلفة فضلا عن تخصيصات الاحتفالات والمهرجانات والبرامج الروتينية السنوية .
فمن المفارقات ان الموازنات العامة للدولة تخصص اموال لاسترجاع الاموال المنهوبة، فعلى سبيل المثال خصصت الحكومة ١٥ مليار دينار لموازنة استرداد اموال العراق ، تم استرجاع ١.٦ مليار دينار.
والدعوة التي نوجهها الى وزارة المالية هي اعادة الخطط والستراتيجيات في نمط التصرف بالايرادات السنوية وبالفائض الاقتصادي الريعي النفطي ، مع الدعوة الى ضبط النفقات وزيادة الايرادات الحكومية غير النفطية وتعظيم موارد الدولة وتنويعها وتوسيع الايرادات غير النفطية .